يعلن حزب «العمال» البريطاني اليوم (السبت) نتائج الانتخابات لاختيار زعيمه الجديد، ويبدو جيريمي كوربن أحد أبرز وجوه اليسار المتطرف، الأوفر حظاً في شغل المنصب خلافاً لكل التوقعات. واختيار زعيم هو محطة استراتيجية بالنسبة للحزب، إذ يجب على القائد الجديد النهوض به بعد خسارته المدوية في الانتخابات التشريعية في 7 أيار (مايو) الماضي، أمام المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون. كما سيكون على خلف ايد ميليباند أن يقود الحزب حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في عام 2020، إذ يحاول المرشح وضع حد ل 10 سنوات من حكم المحافظين. وبعد حملة استمرت أسابيع عدة، انتهى التصويت الخميس الماضي، وشارك فيه أكثر من 610 آلاف شخص. ويُنتظر أن تعلن النتيجة في العاصمة لندن، لكن استطلاعات الرأي ومكاتب الرهانات تعتبر النتيجة محسومة لصالح كوربن الذي يواجه ثلاثة منافسين هم آندي بورنهام وايفيت كوبر وليز كيندال، وهم أصغر سناً وأقل ميلاً إلى اليسار وأكثر ميلاً للمحافظين. ويُعتبر انتخاب كوربن (66 عاماً) المعارض الشرس لسياسات التقشف على غرار حزبي «سيريزا» اليوناني و«بوديموس» الإسباني، بمثابة ثورة صغيرة داخل الحزب الذي كان حتى فترة قصيرة ملتزماً بالنموذج الاجتماعي الديموقراطي الذي دعا إليه توني بلير. وتمكن كوربن من حشد مؤيدين يأملون في بديل سياسي، ومن إثارة حماسة لم يكن مسؤولو الحزب يتوقعونها. وصرح الأمين العام لمؤسسة «فابيان سوسايتي» من الوسط اليسار اندرو هاروب أخيراً أنه «ينجح لأنه يمثل الموقف الرافض للسياسة التقليدية، ولأن المرشحين الآخرين لم يعرفوا كيف يثيروا شعوراً بالحماسة أو الأمل لدى الناخبين». وردد كوربن الخميس الماضي في اللقاء الأخير ضمن حملته الانتخابية في ايلنغتون (شمال لندن) معقله الذي يمثله في مجلس النواب منذ عام 1983، شعاراته أمام حشد مؤيد له. وأعلن كوربن «نحن نغير السياسة في بريطانيا، ونتحدى الفكرة القائمة على أن المسائل الفردية وحدها هي المهمة، ونقول في المقابل إن المصلحة المشتركة هي مطلبنا». وكسب كوربن قاعدة الحزب والنقابات من خلال دعوته إلى الانتقال إلى اليسار، عن طريق اقتراحات مثل إعادة تأميم السكك الحديد والطاقة وفرض رقابة على الإيجارات. وترافقت شعبية كوربن المتزايدة مع عداوات حتى داخل معسكره، إذ يعتبر كثيرون أن فوزه سيؤدي إلى انقسام الحزب وسيحد على نحو كبير من فرصه في الفوز في الانتخابات التشريعية في عام 2020. وتعرض كوربن إلى الانتقاد أيضاً من جانب اليمين، ولو أن المراقبين يرون أن "حزب العمال" بقيادته، يوفّر فرصة ثمينة للمحافظين الذين سيكسبون عندها الوسطيين غير الموافقين على خطه الراديكالي. وأعلن كاميرون أمس في إشارة إلى الحزب، ومستهدفاً كوربن أن «خطابه المتطرف يعد فقط بمزيد من النفقات والاقتراض والضرائب»، مضيفاً «آمل أن لا نجد أنفسنا أمام معارضة تعيدنا إلى الخلافات التي اعتقدتُ بأنها سُوّيت في ثمانينات القرن الماضي، عندما كان الأمر يتعلق بتأميم نصف الصناعات البريطانيّة والتخلص من أسلحتنا النووية».