بحر في سبات عميق هادئ وشديد الملوحة. هذه الصفات المتعارف عليها لم تنصف طبيعية البحر الميت التي أبت أن تستكين أمام معادلة نصيب الأسماء، فكيف لبحر أن يكون ميتاً وهو قادر على مد زائريه بعلاج طبيعي منبعث من أعماقه تارة ومن هوائه تارة أخرى؟ لا مكان لسنارة الصيد في البحر الميت حيث تتوحّد أشكال زوار الشاطئ، فاللون الداكن لطينة البحر هو الطاغي على أجساد الرواد من رؤوسهم إلى أقدامهم لما يجدون في الطين وجهة طبيعية لبشرة صحية، ومنهم من يستخدمه لمعالجة بعض الأمراض. الطين المستخرج من البحر الميت، بمثابة سحر لكثيرين يعانون أمراضاً جلدية عجزت الأدوية عن معالجتها، خصوصاً البهاق والصدفية وأمراض المفاصل. ولإكسير الحياة وجود في البحر، فاستنشاق الأوكسجين كفيل بأن يبعث الراحة والسعادة في أعماق النفوس بعد أن تتشبع الرئات بهواء تتركز فيه معادن غير متوافرة في أي منطقة أخرى. وقال محمد شومان، الطبيب في النادي الصحي في منطقة البحر الميت، إن «مجرد الجلوس في منطقة البحر الميت يساعد على الاسترخاء وإزالة الإرهاق من الجسم، خصوصاً أن هذه المنطقة تنخفض 300 متر عن سطح البحر. ويصل عدد رواد النادي الصحي إلى 1700 زائر سنوياً بين سياح ومواطنين». وأوضح أن درجة حرارة المنطقة متفاوتة، ما يساعد الجسم على تنشيط الدورة الدموية وزيادة سرعة تغذية الخلايا. أما من ناحية الرواد، فأكد السائح اللبناني عاصم ل «الحياة»، أن مياه البحر الميت شفته من الفطريات على وجهه، بعدما استخدم أدوية كثيرة لم ينفع أي منها. ومن معجزة طبيعية تركت آثارها الإيجابية على أجيال متعاقبة، إلى منطقة «حمامات ماعين» التي تبعد من البحر الميت بضعة كيلومترات، وهي منطقة تعج بالشلالات والينابيع الساخنة المليئة بالخصائص الهائلة. وحرارة مياة العيون والشلاشات قد تصل إلى 70 درجة مئوية، وبعضها تصل إلى حرارة متوسطة تجذب المسنين لأنها تساهم في التخفيف من أوجاع المفاصل وضيق التنفس ومن وطأة الأمراض المزمنة. كما أن كل المستحضرات طبيعية متوافرة في «حمامات ماعين»، حيث تكثر مراكز التجميل.