استقطبت تجارة السندات المحلية والدولية، شرائح واسعة من المستثمرين الذين يبحثون عن ملجأ آمن لإيداع ثرواتهم، ويُمكن القول أن رهان المستثمرين السويسريين على أسواق السندات، الحكومية والخاصة، كان كبيراً هذه السنة. حتى أن بعضهم اعتقد أن الانتعاش في أسواق السندات، خصوصاً في بورصة زيوريخ، سيكون أعلى من مستوياته المسجّلة العام الماضي، نظراً الى الأرقام الخيالية المسجلة سابقاً. ووفقاً لآخر التحاليل المصرفية السويسرية، وصلت القيمة الكلية للسندات، ومن ضمنها سندات خزائن دول العالم، المُباعة لغاية حتى العام الماضي، الى أكثر من 20 تريليون دولار. حالياً، وعلى رغم الأحجام الضخمة للسندات المُباعة على المستوى الدولي، تكمن المشكلة الرئيسة اليوم في حجم السيولة الفعلية المتوافرة. صحيح أن الشركات والحكومات التي باعت هذه السندات إلى آلاف المستثمرين، حصلت على سيولة مالية تحلم بها أكبر دول العالم وأهم المصارف المركزية، لكن ماذا لو طالب المستثمرون بمستحقاتهم، في الوقت ذاته؟ يتوقف المحللون للقول أن أسواق السندات تعاني من شحّ السيولة، ما يمنعها من دفع المستحقات كافة في الموعد المتّفق عليه، من دون سبب منطقي معيّن. بيد أن كثراً من مشغّلي أسواق المال يعزون الأمر الى غياب القوانين التنظيمية التي تحمي المستثمرين وتعيد إليهم أموالهم بالكامل مع مستحقاتهم، في الوقت القانوني المُتّفق عليه مع الجهة المصدرة، حكومية كانت أو خاصة. في ما يتعلّق بسندات الخزينة الأميركية، يُمكن الجزم بأن الأموال المتدفّقة إليها، في الشهور السبعة الأولى من السنة، تراجعت نحو 40 في المئة. وفي 2013، اشترى المستثمرون الدوليون سندات خزانة أميركية بأكثر من 500 بليون دولار. أما هذه السنة، فلم تتخطَّ القيمة الكلية لشرائها 200 بليون، مع أن هذه السندات تبقى الأفضل عالمياً، لناحية مقاومة التقلّبات المالية الدولية. أوروبياً، تُعتبر السندات الإيطالية والألمانية والبريطانية الأفضل. في حين لا تعرض سندات الخزينة السويسرية، حالياً، حوافز استثنائية تثير شهية المستثمرين الدوليين إلا في بعض الحالات «المعقدة» التفسير. ويلفت محللون اقتصاديون في جامعة «لوزرن» السويسرية، الى أن التغييرات التي ستخضع لها السندات اليونانية، حتى نهاية السنة، سيكون لها ثقل هائل على سلوكيات المستثمرين، خصوصاً السويسريين منهم الذين يفضّلونها على بقيّة سندات الخزينة الأوروبية. وفي حال لم يتم تطبيق خطة «غريك سيت»، أي خروج اليونان من منطقة اليورو، يعتقد خبراء سويسرا أن السيولة المالية الموجودة في تجارة سندات الخزينة اليونانية ستكون أفضل، حتى من تلك الألمانية. أما في حال خروج اليونان من منطقة اليورو، فإن تدهور أعمال هذه السندات سينعكس سلباً على تجارة السندات الدولية. لا شك في أن الفوائد التي تعرضها السندات اليونانية ليست الأفضل، لا أوروبياً ولا دولياً. بيد أن السيولة المالية الموجودة داخلها أفضل حالياً، بمعدل 1.5 مرة مقارنة بسندات الخزينة البريطانية، و0.7 مقارنة بالألمانية «بوند»، و0.9 مقارنة بسندات «بيب» الإيطالية».