يمر الدَّيْن العام لدول أوروبا «المحيطية»، أي تلك التي اعتمدت اليورو في الجنوب، بمرحلة صعبة لن تخلو من المفاجآت، في حين يتعاظم التوتر في شأن سندات الخزانة الإيطالية والإسبانية نتيجة خليط من العوامل المالية، أبرز هذه العوامل حال الكساد الاقتصادي المستمر، واليأس الذي أحبط آمال حكومتي روماومدريد بسبب الضربات التي مُنيتا بها من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية. وبدأت المصارف الأوروبية والسويسرية وضع سيناريوات مالية متعددة تتعلق بمستقبل سندات الخزينة الأوروبية في حال استمرت وكالات التصنيف في ضرب سمعتها، وبسُبل التعامل معها بهدوء. وأشار خبراء اقتصاد سويسريون إلى أن مواصلة خفض تصنيف سندات الخزينة الإسبانية سيكون لها تداعيات مجهولة الأبعاد حتى الآن، في حين يُستبعد انزلاق سندات الخزينة الإسبانية إلى الحضيض حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وبعد ذلك التاريخ يعتبر محللون أن انضمام هذه السندات الإسبانية إلى تلك المصنفة ب «نون إينفيستمنت غريد»، أي لا تصنيف لها من قبل الوكالات الدولية، أمر وراد جداً. ويصعب حتى الآن توقع رد فعل المستثمرين الدوليين في حال تعرضت سندات الخزينة الإسبانية «بونوس» إلى انتكاسة، بينما يقدر خبراء قيمة السندات الأوروبية التي اشترتها شركات استثمار، أوروبية وسويسرية، بحوالى 3.1 تريليون يورو، 25 في المئة منها مؤلف من سندات الخزينة الإسبانية أي ما قيمته 753 بليون يورو. ولفت محللون في أسواق المال إلى أن ثقل سندات الخزينة الإسبانية في مؤشرات البورصات الدولية واضح جداً، فيكفي مراقبة مؤشرَين لهما علاقة بأوضاع سندات الخزينة الأوروبية، وهما «بلومبرغ سوفيرين يورو إيندكس» المحلي، و «بلومبرغ غلوبال ديفيلوبد سوفيرين إيندكس» الدولي. ويصل ثقل سندات «بونوس» الإسبانية داخل تداولات المؤشر الأول إلى أكثر من 11 في المئة، وإلى ثلاثة في المئة داخل تداولات الثاني. وأفاد خبراء بأن عدد سندات «بونوس» الإسبانية المتداولة في العالم يبلغ 55 بليوناً، 31 بليوناً منها ستباع في حال هبط تصنيف سندات الخزينة الإسبانية إلى «جنك»، أي غير قابل للتصنيف. ولدى المصارف السويسرية ثلاثة بلايين سند إسباني، في حين يمتلك المستثمرون السويسريون 1.5 بليون سند يُرجح أن أكثر من 90 في المئة منها سيُباع. وفي ما خص عدد سندات الخزينة الإيطالية «بي تي بي»، التي ستباع في العالم في حال جرى تصنيفها ب «جنك»، فسيتخطى 58 بليوناً، ما يعني أن كارثة مالية قد تحل على مدريدوروما خلال الخريف المقبل، سرعان ما ستتحول إلى زلزال بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين والسويسريين.