نظمت الصين أمس، عرضاً عسكرياً في بكين، تجاوز التأكيد على حزمها العسكري وصولاً إلى إبداء عزمها على إحداث تحوّل استراتيجي في منطقة المحيط الهادئ. وخلال العرض الذي أقيم لمناسبة الذكرى السبعين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية وحضره زعماء أجانب، ظهر للمرة الأولى أكثر من عشرة صواريخ باليستية جديدة بعيدة المدى من طراز «دونفينغ -21 دي» (رياح الشرق)، وصفها التلفزيون الرسمي بأنها «مكسب حاسم» في أي نزاعات في المستقبل. وكانت الصحف الصينية أكثر وضوحاً، إذ نعتتها بأنها «قاتلة حاملات الطائرات» التي تشكل ركيزة تقليدية أساسية للقوة العسكرية الأميركية في الخارج. واستغل الرئيس شي جينبينغ المناسبة لتأكيد أن الجيش الصيني «سيضطلع بمهمته في الحفاظ على السلام في العالم»، مضيفاً أن «الصين لن تسعى أبداً إلى الهيمنة». وأقيم العرض العسكري في ساحة تيانانمين، ومن بين الضيوف الأجانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى الرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير والجنوب أفريقي جاكوب زوما. كما حضر المبعوث الكوري الشمالي تشوي ريونغ-هاي والرئيسة الكورية الجنوبية باك جيون هاي ونظيرها الفنزويلي نيكولاس مادورو. وإلى جانب الصواريخ والدبابات والمدرعات، شارك في العرض أكثر من 12 ألف جندي من الوحدات الصينية ومعهم قوات من روسيا ودول أخرى، فيما حلقت طائرات مقاتلة متطورة وقاذفات قنابل في الأجواء. وقاطعت دول غربية عدة المناسبة، تعبيراً عن عدم الرضا من لائحة المدعوين، وخصوصاً بوتين، وأيضاً القلق من رسالة بكين التي أرادت تأكيد جهوزيتها للهيمنة في بحر الصين الجنوبي حيث تتنازع مع دول مجاورة السيادة على عدد من الجزر. ورأى مراقبون أن الأكثر إثارة للاهتمام خلال العرض، كانت الصواريخ الباليستية التي تدخل الغلاف الجوي بسرعة كبيرة تقارب 3500 كلم في الساعة، ما يجعلها شبه محصنة ضد الدفاعات الجوية التقليدية، كما أنها مجهزة بنظام إلكتروني متطور يسمح بتوجهها بدقة تلقائية نحو هدفها، وبعبوة متفجرة قادرة على إنزال أضرار هائلة بحاملة طائرات. وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية الرسمية أن هذه الصواريخ قادرة على الوصول الى القاعدة العسكرية الأميركية الأساسية في غوام، غرب المحيط الهادئ، ما يجعل الهدف من نشرها كسر هيمنة الأسطول السابع الأميركي في المنطقة التي تدخل في صلب اهتمام البيت الأبيض منذ أن جعل منها الرئيس باراك أوباما «محور» سياسته الخارجية. ويؤكد ذلك التحول الاستراتيجي الذي اعتمدته بكين منذ الإعلان في أيار (مايو) الماضي، عن أن بحرية» جيش التحرير الشعبي» المدعومة من الطيران، ستركز على العمليات «في عرض البحر» بما يتخطى مجال «الدفاع عن المياه الإقليمية». ولدى افتتاحه العرض العسكري، أعلن الرئيس الصيني بصفته القائد العام للقوات المسلحة، خفض حجم الجيش بواقع 300 ألف رجل من تعداده الحالي الذي يبلغ حوالى 2.3 مليون عسكري. وأشارت وكالة أنباء الصين الجديدة إلى أنه رابع خفض كبير للقوات المسلحة في ثلاثة عقود بعدما كانت تعد 4.2 ملايين عسكري عام 1987، وذلك بموازاة تحديث مكثف لقدراتها.