استدعت وزارة الخارجية المصرية صباح أمس السفير البريطاني في القاهرة جون كاسون لإبداء اعتراضها الشديد على ما صدر منه من تصريحات في شأن «خلية ماريوت» اعتبرتها القاهرة «تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري»، و «تتنافى مع الأعراف والممارسات الديبلوماسية لسفير معتمد في دولة أجنبية، مهمته الرئيسة توثيق العلاقات مع الدولة المعتمد لديها». وكانت محكمة مصرية قضت أول من أمس بالسجن المشدد ثلاث سنوات لصحافيي «الجزيرة» خلال إعادة محاكمتهم بتهم بينها بث مواد على قناة «الجزيرة» التلفزيونية تضر بالبلاد. وعلق السفير البريطاني بالقول أن «الأحكام الصادرة ستقلل من الثقة في الخطوات التي تقوم بها مصر نحو تحقيق الاستقرار بناءً على تنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري»، مشدداً على أنه لا يمكن بناء استقرار على أسس لا تدعم الحريات. ورد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أمس بأن المهم هو ثقة الشعب المصري في نزاهة قضائه واستقلاليته، مؤكداً أن مصر لا تنتظر دروساً من أحد. وشدد على أن مصر دولة قانون، ودستورها يصون ويحمي جميع الحقوق والحريات، وأن المحاولات المستمرة لخلط الأوراق للإيحاء بأن الأحكام تستهدف تقييد حرية الصحافة، هي ادعاءات لا تتسق مع الواقع. وأشار إلى أن هناك الآلاف من الصحافيين المصريين وغير المصريين الذين يعملون في مصر بحرية تامة، ولم يوجه إليهم أي اتهام، مذكراً بأن المتهمين في القضية اقترفوا مخالفات قانونية محددة وموثقة استندت إليها هيئة المحكمة. وأكد أن مصر دولة عريقة وشعبها على وعي كامل بكل حقوقه والتزماته، وأن من يتبنون مثل تلك الحملات لديهم الكثير مما يستحق النقد. وعقب استدعاء السفير البريطاني، نقلت وكالة «رويترز» عن السفارة البريطانية في القاهرة قولها في بيان أن كاسون شرح خلال اجتماعه مع مدير مكتب الوزير سامح شكري أمس «موقف المملكة المتحدة في خصوص حكم المحكمة»، مضيفاً أن السفير «أخذ... على عاتقه نقل التحفظات التي عبر عنها الجانب المصري إلى الوزراء في لندن». وكانت الولاياتالمتحدة وكندا من بين الدول والمنظمات التي نددت بالحكم الصادر أول من أمس. وأعربت الولاياتالمتحدة عن «خيبتها العميقة وقلقها» للإدانة، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية جون كيربي في بيان مساء أول من أمس: «نحض حكومة مصر على اتخاذ الإجراءات الممكنة لتصحيح الحكم الذي يلغم حرية التعبير الضرورية للاستقرار والتنمية». ورداً على الإدانات، أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس رفضها الكامل أي بيانات أو تصريحات صادرة عن جهات خارجية تتعلق بالحكم الصادر في ما يسمى قضية «خلية ماريوت»، واعتبرت ذلك تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري يحمل إسقاطات معروفة أسبابها، وخلطاً متعمداً بين حريات نص الدستور المصري على حمايتها، ومخالفات قانونية صريحة وموثقة تضمنتها حيثيات الحكم الصادر في القضية. غريست من جانبه، دعا غريست الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى العفو عن الصحافيين الثلاثة، وقال في مؤتمر صحافي عقده في سيدني: «في غياب اي دليل يؤكد خصول اعمال تستحق الإدانة، فإن الخلاصة الوحيدة التي يمكن ان نتوصل اليها هي ان دوافع سياسية تقف وراء الحكم». وأضاف: «امام الرئيس السيسي الآن فرصة لتصحيح هذا الظلم. أنظار العالم مسلطة على مصر. ويعود للرئيس أن يفعل ما قال انه سيفعله منذ البداية، وهو ان يعفو عنا لو حكم علينا». يذكر أن الحكم الأخير في قضية «خلية ماريوت» صدر في حق الصحافي محمد فهمي الذي يحمل الجنسية الكندية وتنازل عن جنسيته المصرية في وقت سابق من العام، والمصري باهر محمد، والأسترالي بيتر جريست الذي رحلته مصر إلى بلاده في شباط (فبراير) الماضي. وعرفت القضية إعلامياً بقضية «خلية ماريوت»، في إشارة إلى الفندق الذي ألقي القبض عليهم فيه. وكانت دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة حكمت عام 2014 على كل من الصحافيين الثلاثة بالسجن سبع سنوات لإدانتهم بمساعدة جماعة إرهابية، في إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، ونشر أخبار كاذبة عن مصر، قبل أن تعاد محاكمتهم وتصدر الأحكام الجديدة.