ردّت وزارة الخارجية المصرية على الانتقادات التي تعرضت لها القاهرة في شأن الحكم القضائي الذي صدر أمس (السبت) في حق ثلاثة صحافيين من قناة "الجزيرة" القطرية، معتبرة ذلك "تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري"، واستدعت السفير البريطاني لدى القاهرة احتجاجاً على تصريحاته في شأن القضية. واعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد أن هذه الانتقادات تشكل "تدخلاً غير مقبول في أحكام القضاء المصري يحمل إسقاطات معروفة أسبابها، وخلطاً متعمداً بين حريات نصّ الدستور المصري على حمايتها، ومخالفات قانونية صريحة وموثقة تضمنتها حيثيات الحكم الصادر في القضية"، مشيراً إلى أن من يتبنون مثل تلك الحملات "لديهم الكثير مما يستحق النقد". وأضاف أن "مصر دولة قانون، ودستورها يصون جميع الحقوق والحريات ويحميها، والمحاولات المستمرة لخلط الأوراق للإيحاء بأن الأحكام تستهدف تقييد حرية الصحافة هي ادعاءات لا تتسق مع الواقع، إذ أن هناك الآلاف من الصحافيين المصريين وغير المصريين الذين يعملون داخل البلاد بحرية تامة ولم توجه إليهم أي تهم"، مشدداً على أن المتهمين الثلاثة "اقترفوا مخالفات قانونية محددة وموثقة استندت إليها هيئة المحكمة". وتعقيباً على الحكم قال السفير البريطاني لدى القاهرة جون كاسين إن "الأحكام تقلل من الثقة في الخطوات التي تقوم بها مصر لتحقيق الاستقرار، بناء على تنفيذ الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري". ورداً على تصريحات كاسين، قال أبو زيد إن "المهم هو ثقة الشعب المصري في نزاهة قضائه واستقلاليته"، موضحاً أن "مصر لا تنتظر دروساً من أحد"، ومعتبراً أن تصريحاته "تتنافى مع الأعراف والممارسات الديبلوماسية لسفير معتمد، مهمته الرئيسة توثيق العلاقات مع الدولة المعتمد لديها". واستدعت الخارجية المصرية السفير البريطاني وأبلغته اعتراضها على تصريحاته. واصدرت السفارة البريطانية بيانا اكدت فيه إن كاسين سينقل التحفظات التي عبر عنها الجانب المصري إلى حكومته. وأوضحت أن السفير "شرح لمساعد وزير الخارجية المصري لشؤون مكتب الوزير هشام سيف الدين، موقف المملكة المتحدة في خصوص حكم المحكمة الصادر أمس، خصوصاً في ضوء شمول القضية مواطنين بريطانيين اثنين (دومينيك لورانس جون وسوزان ميلن)" بالإضافة إلى الصحافيين الثلاثة. وحكمت محكمة جنايات القاهرة أمس على بيتر غريست (49 عاماً) مع الكندي محمد فهمي (41 عاماً) والمصري باهر محمد (31 عاماً) بالسجن ثلاث سنوات لإدانتهم بنشر "أخبار كاذبة" و"العمل من دون تصاريح"، بعد محاكمة أثارت انتقادات دولية. وطالبت كندا بالإفراج "الفوري وغير المشروط" عن مواطنها، فيما أعربت الولاياتالمتحدة عن "خيبتها العميقة وقلقها" حيال الحكم. ودعا الأسترالي غريست الذي رحلته مصر إلى بلاده في وقت سابق، خلال مؤتمر صحافي في سيدني اليوم، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العفو عنه وعن زميليه، معتبراً أن دوافع الحكم سياسية. وكانت دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة حكمت على الصحافيين الثلاثة بالسجن سبع سنوات لكل منهم في حزيران (يونيو) العام 2014، لإدانتهم ب "مساعدة جماعة إرهابية"، في إشارة إلى "الإخوان المسلمين"، و"نشر أخبار كاذبة عن مصر". وفي ذلك الحكم عوقب باهر محمد بالسجن لثلاث سنوات إضافية بتهمة "حيازة ذخيرة من دون ترخيص". وفي كانون الثاني (يناير) الماضي قبلت محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية في مصر، طعناً في الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة.