تزداد الأزمة الحكومية تعقيداً بفعل المحاسبة التي قرّر المجتمع المدني اللبناني وضعها على كلّ قرارات الحكومة المتعلقّة بملفّات الحياة اليومية وفي طليعتها أزمة النفايات المتراكمة في العاصمة بيروت والمناطق. واللافت أن دعوات المجتمع المدني لاقت صدى مرحّبا لدى اللبنانيين وقد ظهر ذلك في تظاهرة 22 أغسطس الحالي وهو حراك لا يحظى بأي غطاء أو دعم سياسي، بل إن الطبقة السياسية كلّها ضدّه لأنه يفضح صفقاتها. ولم تلاقِ صفقة فض العروض حول النفايات التي أعلن عنها وزير البيئة محمّد المشنوق رضا المجتمع المدني، ووصف أحد النشطاء في حملة "طلعت ريحتكم" المدنية الصفقة بأنها "ملغومة برائحة الفساد السياسي والمحاصصة التي ضاعفت معالجة طن النفايات أضعافاً قياساً بما كانت تتقاضاه شركة سوكلين". وأمس استمرّت اجتماعات حملة "طلعت ريحتكم" المدنية ودعت إلى تظاهرة شعبية ضدّ صفقة مناقصة النفايات في 22 من الشهر الجاري الساعة السادسة مساء من دون أن تعلن عن مكان الحشد. وقال أحد النشطاء ل"الرياض" بأنّ "الحملة لا تريد إسقاط حكومة الرئيس تمّام سلام، وإنما فضح الصفقات التي تمارسها الطبقة السياسية برمّتها والرئيس سلام ليس جزءًا منها نظراً الى تاريخه العريق هو وعائلته، ولكنّ سوء حظّه جعله رئيساً للحكومة مع هؤلاء". ويطالب نشطاء الحملة التي سقط منها يوم السبت الفائت جريح هو بحالة حرجة بمحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف "وتمييع المسؤوليات ما يؤدي الى الاستمرار بتفكيك الدّولة وبإشعار الناس بهذا المزيج المقيت من القرف واليأس". في هذا الإطار قال الناشط مروان معلوف بأنّ التحرّك بدأ بملف النفايات، الملغوم بطبقة سياسيّة فاسدة، وكان معلوما بأنّ مطمر الناعمة سيغلق وبأنّ عقد شركة "سوكلين" سينتهي، لكنّهم لم يفعلوا شيئا في خلال عام كامل لإيجاد البديل". ويضيف معلوف: "منذ 20 عاما وثمّة شركة واحدة تدير أموال المواطنين والبلديّات، والمناقصة التي يروّجون لها هي استبدال "سوكلين" ب6 "سوكلينات" كما أنّ دفتر الشروط ملغوم لا يوضح كيفيّة حصول الفرز، وهو يقول بأنّ على الشركة أن توفّر المطمر، أي أنّ الدولة لا تعرف مكانا للطمر وهذا ليس حلا. ليس الحلّ بطمر النفايات بل أن تلعب البلديات دورها ووضع خطّة وطنيّة لفرز النفايات". من جهة ثانية، عقد مجلس الوزراء أمس جلسة للتداول بمستجدّات الساعة بعد تعليق جلساته لثلاثة أسابيع بعد دعوة لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي بإعادة النّظر بمناقصات النفايات بسبب الأسعار المرتفعة التي وضعتها الشركات على أن يستكمل البحث في ملفّ النفايات يوم الخميس القادم. وطلب رئيس الحكومة تمّام سلام إزالة العوائق الإسمنتيّة من محيط السراي الحكومي والتي وضعت من أجل حماية السراي من أي هجوم محتمل بعد أن لاقت الخطوة اعتراضات قوية. وعاد رئيس "التيار الوطني الحرّ" العماد ميشال عون الى التهديد بتحريك الشارع بعد تمرير 70 مرسوما في مجلس الوزراء من دون توقيع وزرائه أو وزراء "حزب الله".