وسط الأصوات الصاخبة والاحتفالات، أحيت مدينة نيو أورلينز الذكرى العاشرة للإعصار «كاترينا» وتذكرت مفقودين وستحتفل بإعادة إعمار ولاية لويزيانا. وقال رئيس بلدية المدينة ميتش لاندريو: «على رغم كل العقبات التي اعترضتنا، تعود نيو أورلينز (...) ونعود أقوى مما كنا». ولحظة سقوط السد الاول، وضعت السلطات أكاليل من الورد في لوير نينث وورد أحد أفقر أحياء المدينة التي تسكنها أكثرية من السود، والتي ألحقت بها الفيضانات أكثر مما ألحقته بسواها. وقدّمت فيه جوقة موسيقية «احتفال العودة»، على أن تقام حفلات أخرى في كل انحاء المدينة. وألقى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون خطاباً أيضاً. وعندما انقض الاعصار «كاترينا» من الفئة الخامسة على الساحل الجنوبي للولايات المتحدة في 29 آب (اغسطس) 2005، غمرت المياه نيو أورلينز التي بني قسم منها تحت مستوى البحر. وبسبب الضغط الناجم عن ارتفاع المياه، انهارت عشرات السدود التي لم تتوافر لها الصيانة اللازمة، فتدفقت المياه الموحلة وغمرت 80 في المئة من المدينة. وسرعان ما ارتفع مستوى المياه فتسبب بوفاة اشخاص غرقاً. ولجأ مئات آخرون الى سطوح منازلهم، وقد عزلتهم المياه. وعمّت الفوضى الاماكن القليلة التي بقيت جافّة، وانتظر عشرات آلاف الاشخاص المحبطين بضعة ايام وصول المواد الغذائية ومياه الشرب. وفي الاجمال قضى 1800 شخص كان القسم الاكبر منهم في هذه المدينة. واضطر مليون شخص الى مغادرة منازلهم. وتخطت فاتورة الاضرار 150 بليون دولار. وقال الرئيس السابق جورج دبليو بوش الذي زار احدى مدارس نيو اورلينز، ان «جميع الذين كانوا في سنّ تساعدهم على التذكر، لن ينسوا أبداً مواطنينا الذين كانوا غارقين في بحر من البؤس للدمار». واعترف بوش الذي تعرض تعامله مع الازمة لانتقادات شديدة، بأن عزم المدينة على بناء ما تهدم «بروح أقوى من تلك التي كانت سائدة قبل الاعصار»، قد أثّر فيه كثيراً. وتنتصب بيوت ملونة على ركائز هنا وهناك اليوم، بدلاً من الانقاض التي كانت تفوح منها روائح نتنة ناجمة عن المياه الآسنة الراكدة للفيضانات. وقد عادت الموسيقى وروائح المأكولات المحلية الى الشوارع الصاخبة للحي الفرنسي. وازدهرت الصناعة السياحية، وبلغ عدد السياح تسعة ملايين العام الماضي. وتراجعت معدلات الجريمة وبلغت في 2014 أدنى مستوياتها خلال 43 سنة. واستقرت شركات صغيرة في المدينة، حيث بدأ اصلاح للنظام التعليمي يعطي ثماره، من خلال تزايد عدد حملة الشهادات وارتفاع المستوى. واشاد الرئيس باراك اوباما الذي انتقد موقف ادارة بوش ب «الثبات الاستثنائي» للذين عادوا الى نيو اورلينز لترميم المنازل والمتاجر المدمرة. لكنه شدد على ان «عملنا لن ينتهي طالما ان عائلة متوسطة من السود في هذه المدينة ستكسب أقل من نصف ما تكسبه عائلة متوسطة من البيض». ومنذ 300 سنة، تعد نيو أورلينز «البوابة التي تؤدي الى روح أميركا»، كما قال اوباما الذي اشاد بهذه المدينة قائلاً ان «الجاز فيها يدفعك الى البكاء ومراسم الدفن تدفعك الى الرقص». إلا ان نكهة مدينة كانت مزيجاً من المكونات الافريقية الكاريبية، اكثر مما هي اميركية، قد تبدد جزء منها في العاصفة، كما يقول بعض السكان. ولم يعد كثيرون الى المدينة التي يقل عدد سكانها مئة الف نسمة عما كانوا قبل الاعصار، على رغم وصول عدد كبير من المقيمين الجدد. وتراجعت كثيراً نسبة السود، من 68 في المئة في 2000 الى 60 في المئة في 2013. وتقول الشاعرة ايجا ريني التي شبّت في حي لوير نينث وورد: «نناضل من أجل البقاء»، آسفة لان الاصدقاء والعائلة والجيران لم يعودوا أبداً. واضافت: «لا يمكن ان تكون نيو اورلينز من دون الذين بنوها».