دخلت البرازيل التي تعد سابع اقتصاد في العالم، في انكماش خلال الفصل الثاني من السنة الحالية، بينما تشهد دول ناشئة أخرى مثل روسياوالصين تباطؤاً في النمو. وأعلن «المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاءات» أمس (الجمعة)، أن هذه هي «المرة الأولى خلال ست سنوات التي تدخل فيها البرازيل في انكماش تقني بعد تراجع إجمالي الناتج الداخلي لفصلين متتاليين». وتوقع محللون أن تستمر فترة الانكماش سنتين على الأقل. وذكر المعهد أن «إجمالي الدخل للبرازيل تراجع بنسبة 1.9 في المئة خلال الفصل الثاني من العام 2015»، أي أكثر مما كان محللو المصارف الأجنبية والبرازيلية يتوقعون. وأكد المركز الحكومي أن «إجمالي الناتج الداخلي تراجع بنسبة 0.7 في المئة خلال الفصل الأول من العام». وقال كبير الاقتصاديين في وكالة التصنيف المالي البرازيلية «اوستن ريتينغ» اليكس اغوستيني إن «إجمالي الدخل يظهر أن البرازيل تشهد حالياً انكماشاً قوياً مع تضخم يرتفع، ومعدلات للفائدة ترتفع وإصلاح موازنة ضروري لا يتحقق»، مشيراً إلى أن «كل ذلك يجري في أجواء سياسية مضطربة». وتواجه الرئيسة ديلما روسيف (67 عاماً) انعكاسات فضيحة الفساد في «شركة النفط الوطنية البرازيلية» (بتروبراس) التي تهز تحالف يسار الوسط الحاكم. وتسعى روسيف في البرلمان إلى تمرير إصلاح موازنة يكلفها ثمناً سياسياً باهظاً حتى لدى أنصارها. وقالت خلال افتتاح مساكن اجتماعية شمال شرقي البلاد إن «البرازيل بلد قوي سينمو، وسيتجاوز الصعوبات الآنية التي يشهدها». ومن دون أن تتحدث عن انكماش الاقتصاد مباشرة، ذكرت إن حكومتها تعمل من أجل «زيادة عدد الوظائف، وضمان عودة البلاد إلى النمو، وخفض التضخم الذي يؤثر على الدخل وعلى عمل الشركات». وكان المصرف المركزي البرازيلي أعلن أن البلاد سجلت في تموز (يوليو) الماضي، عجزاً أولياً هو الأكبر منذ العام 2001 يبلغ بليونين و780 ألف دولار. وعلى مدى عام يشكل العجز المحتسب من دون خدمة الدين 0.89 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي. وتراجعت شعبية روسيف الى ثمانية في المئة بعد أقل من ثمانية أشهر على انتخابها لولاية رئاسية ثانية مدتها أربع سنوات،ما جعلها الرئيسة الأقل شعبية منذ ثلاثين عاماً. ويُطالب البعض بإقالتها، لكن هناك أقلية تأمل في عودة النظام الديكتاتوري. ويبدو أن الوضع الاقتصادي سيزداد صعوبة، إذ ان نسبة التضخم اقتربت من العشرة في المئة ، بينما يبلغ معدل الفائدة الأساس 14.25 في المئة، وهو الأعلى منذ تسع سنوات. وارتفع معدل البطالة أيضاً، بينما تراجعت قيمة العملة الوطنية بنسبة 25 في المئة منذ بداية العام. وقال المستشار في مجموعة «غرادوال اينفستيمنتوس» أندريه برفيتو «وضعنا سىء لسبب وجيه. البرازيل تقوم بتصحيح قوي جداً لوقف التضخم، تصحيح يرتدي طابع انكماش يكبح الطلب». وبعد ارتفاع كبير بلغت نسبته 7.5 في المئة لإجمالي الناتج الداخلي في 2010 جعل البرازيل إحدى الدول المفضلة للمستثمرين بين الدول الناشئة، بدأ اقتصادها يتباطأ بسرعة، وسجل نمواً من 2.7 في المئة في 2011 ، 1.5 في المئة في 2012، و2.5 في المئة في 2013 و0.1 في المئة فقط في 2014. لكن البرازيل ليست الوحيدة في دول «بريكس»، والتي تتألف أيضاً من روسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، التي تواجه صعوبات. فروسيا تشهد انكماشاً عميقاً بسبب العقوبات المرتبطة بالأزمة الأوكرانية، وانخفاض أسعار النفط التي أدت إلى انهيار سعر الروبل في نهاية العام 2014، ما ألحق ضرراً في القدرة الشرائية والاستهلاكية. وذكر المستشار الاقتصادي للكرملين أندريه بيلوسوف أخيراً أن تراجع إجمالي الناتج الداخلي قد يصل إلى أربعة في المئة هذه السنة. ويؤثر تباطؤ الصين على البرازيل بشكل خاص، فهذه الدولة الآسيوية العملاقة هي الشريك التجاري الأول للبرازيل التي تستورد منها مواد أولية. ومن المستبعد انتعاش الاقتصاد البرازيلي في الأمد القريب. فالسوق تتوقع انكماشاً طوال العام الحالي مع انخفاض إجمالي الناتج الداخلي 2.06 في المئة، ما سيمتد إلى 2016 بانخفاض نسبته 0.26 بالمئة. وقال اغوستيني إنه « لو تأكد ذلك فستكون هذه اسوأ نتيجة للاقتصاد البرازيلي في السنوات ال 85 الأخيرة، لأنه حدث ذلك من قبل في العامين 1930-1931».