تعهدت مرشحة اليسار ديلما روسيف إحداث «تغييرات ضخمة» في البرازيل، بعدما أبرزت إعادة انتخابها لولاية ثانية بفارق ضئيل عن خصمها، أن البلد منقسم وسط صعوبات اقتصادية متفاقمة. وفي الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة التي نُظمت الأحد، نالت روسيف، مرشحة حزب العمال، 51.6 في المئة من الأصوات، في مقابل 48.4 في المئة لآيسيو نيفيس، مرشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي. وهذا أول فوز بهذا الفارق الضئيل منذ أول انتخابات رئاسية نُظمت بالاقتراع المباشر عام 1989 بعد الحكم العسكري (1969-1985)، وفاز فيها فرنادو كولور على لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. وتدين روسيف بفوزها إلى حوالى 40 في المئة من 200 مليون برازيلي، يكسبون أقل من 700 دولار شهرياً، علماً أن 12 سنة من حكم حزب العمال أحدثت تغييرات اقتصادية واجتماعية كبرى في البرازيل، منتشلةً حوالى 40 مليون شخص من الفقر كما قضت على الجوع. روسيف (66 سنة) التي ورثت نمواً اقتصادياً نسبته 7.5 في المئة، بعدما خلفت لولا في الرئاسة عام 2010، وسّعت برامج اجتماعية يستفيد منها ربع سكان البرازيل (202 مليون شخص)، لكنها واجهت عقبات كثيرة، من تباطؤ للاقتصاد وانكماش وتضخم، إلى مطالب للطبقة الوسطى التي توقف نموها الاجتماعي، وفضائح فساد أضرت بسمعة حزب العمال. وكانت روسيف دعت إلى استفتاء عام على الإصلاح السياسي، بعد تظاهرات تاريخية شهدتها البرازيل عام 2013 في مدن كبرى، مثل ريو دي جانيرو وساو باولو وبيلو اوريزونتي، احتجاجاً على تراجع الخدمات العامة وإنفاق بلايين الدولارات على تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2014. لكنها تخلت عن الأمر اثر مواجهتها اعتراضاً شديداً في البرلمان. وأقرّ نيفيس بهزيمته، وشكر «أكثر من 50 مليون برازيلي» صوّتوا له. وأضاف: «سأكون ممتناً إلى الأبد لكل فرد أتاح لي أن أحلم مرة أخرى بتشييد مشروع جديد» في البلاد. وتابع: «خضت معركة جيدة، وأنهيت مهمتي». ودعا روسيف إلى تبني «مشروع صادق» من أجل البرازيل. أما روسيف فشكرت «كل برازيلي، بلا استثناء»، وخصّت لولا ب»شكر من أعماق قلبي»، إذ اعتبرته «المناضل الأول»، فيما كان الرئيس السابق يمسح دموعه. وأشارت إلى أنها فهمت المطالب المتزايدة للبرازيليين، مضيفة: «لذلك أريد أن أكون رئيسة أفضل بكثير مما كنت عليه». وتابعت: «كلماتي الأولى هي دعوة إلى السلام والوحدة. أنا مستعدة لحوار، وسيكون ذلك التزامي الأول في ولايتي الثانية». أعلم أنني انتُخب مجدداً لإجراء تغييرات ضخمة يطالب لها المجتمع البرازيلي». وتعهدت تعزيز «الإصلاح السياسي» و»محاربة الفساد». لكن دانيال بارسيلوس فارغاس من مؤسسة «غيتيلو فارغاس» لفت إلى أن «المهمة الأساسية ل(روسيف) ستكون حكم 48 في المئة من البرازيليين الذين صوّتوا ضدها». أما الخبير السياسي المستقل اندريه سيزار فنبّه إلى أن «الاقتصاد ليس كما يرام»، مضيفاً أن «البرلمان منقسم 28 حزباً والرئيسة تستند فيه إلى أكثرية متقلبة». وتابع: «ثمة اتهامات خطرة بالفساد في شركة بتروبراس النفطية العملاقة، والبلاد منقسمة بعد حملة انتخابية أحدثت استقطاباً حاداً بين البرازيليين». واعتبر جوزيه فرنشيسكو ليما غونسالفيس، أبرز الاقتصاديين في مصرف «فاتور» للاستثمار، أن «التحدي الأول الذي ستواجهه (روسيف) هو إعلان ما ستفعله على صعيد السياسة الاقتصادية والمالية العامة». على صعيد آخر، أظهرت استطلاعات للرأي أن مرشح اليسار تاباري فازكيز ومرشح «الحزب الوطني» ليمين الوسط لويس لاكايي بو سيخوضان دورة ثانية أواخر الشهر، إذ نال الأول نحو 46 في المئة من الأصوات، والثاني نحو 31 في المئة، في الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة في الأوروغواي.