لا يهرب رجال الأعمال اليونانيون بأموالهم إلى دول الإتحاد الأوروبي فحسب، بل إن سويسرا تبقى في عيونهم الملجأ الآمن بامتياز. ويفضّل بعضهم سويسرا تحديداً لإيداع أمواله في خزائنها المصرفية. ويعزو خبراء مصرفيون في زوريخ موجة الهروب المالية هذه إلى أكبر فشل إصلاحي مالي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، علماً أن نحو 227 بليون يورو ضُخت قي النظام المالي اليوناني من دون جدوى. فبدلاً من الوصول إلى النتائج المنشودة وصل معدل البطالة والفقر هناك، إلى مستوى يعادل ما تسجله أفقر الدول الأفريقية. ولا يكتفي رجال الأعمال اليونانيون بتهريب أموالهم إلى الخارج، فالأغنياء منهم يختارون العيش في دولة أخرى خوفاً من حكومة أثينا التي قد تفرض ضرائب خيالية على عائداتهم في حال قررت المضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات. في الأشهر الستة الأخيرة ارتفعت القيمة الكليّة للأموال اليونانية الهاربة إلى الخارج من 49.3 بليون يورو، في شباط (فبراير)، إلى 98.77 بليون ومطلع آب (أغسطس). ما يعني أن أكثر من 49 بليون يورو، ما يعادل 28 في المئة من الناتج القومي اليوناني تبخرت، في فترة زمنية وجيزة. وتشير تقديرات إلى أن نحو 30 في المئة من هذه الأموال خُبّئت بشكل من الأشكال داخل المصارف السويسرية، حيث يتمكن رجال الأعمال اليونانيون من اختراق آلية الرقابة الأمنية الحكومية على الأموال المتدفقة من الخارج، من طريق شراء عقارات تجارية كالفنادق. فجنسيتهم الأوروبية تمنحهم حق التملك من دون مشاكل. عادة، يُعاد بيع هذه الفنادق سريعاً، ما يخول أصحابها ايداع السيولة النقدية في المصارف المحلية. ولافت أن حكومة برن لم تتشدد بعد في شأن تحركات رجال الأعمال اليونانيين على أراضيها، البعيدة عن عمليات تبييض الأموال والأقرب إلى أسباب مالية أمنية بحتة. لا بل أن بعض كبار المحللين السياسيين يتجرأ على القول إن الأموال اليونانية في سويسرا ستساعد في توليد فرص عمل جديدة في المجالات كافة. وفي موازاة تدفق المساعدات المالية إلى اليونان ببلايين الدولارات، يلفت خبراء في جامعة «لوزرن» السويسرية الى أن هذه المساعدات لن يكون مصيرها الا الاحتراق من دون تحقيق أي شيء. فالثقة في إمكانات حكومة أثينا تبخرت. وبالنظر إلى ودائع المصارف الأوروبية في اليونان يتبين أنها تراجعت من 12 بليون يورو في أواخر 2014، إلى نحو 4.7 بليون حالياً. أما ودائع المصارف غير الأوروبية، فتراجعت من 26 بليون يورو في أواخر العام الماضي إلى نحو ستة يلايين يورو فقط. ومنذ العام 2011 حتى اليوم، بلغ إجمالي الأموال اليونانية المهرّبة إلى الخارج، على شكل سندات تملك أو نشاطات تجارية أجنبية أو غيرها، إلى أكثر من 10.5 تريليون يورو.