بدأت تداعيات الأزمة الروسية تقتحم الأسواق الأوروبية عبر فنلندا، ما ينذر بدخول دول الاتحاد الأوروبي أزمة مالية، لا تزال عواقبها مجهولة. وفي السابق، عانت فنلندا تفتت الاتحاد السوفياتي بما أن صادراتها تعرضت لانتكاسة كبيرة كان لها تأثير على مرور الانتعاش الاقتصادي بمصاعب كبيرة. وحظرت روسيا كل الصادرات الأوروبية، خصوصاً المواد الغذائية منها، في حين تضامنت كل من سويسرا وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وكندا مع دول الاتحاد الأوروبي، ما جعل الحظر الروسي للصادرات يشملها أيضاً. وتعاملت حكومة برن بشدة مع سلوك حكومة موسكو، هذا فضلاً عن منع المصارف الروسية من دخول أسواق رؤوس الأموال السويسرية، تطاول العقوبات السويسرية ضد روسيا 11 شخصية وخمسة مصارف ممنوعة منعاً باتاً من مزاولة أي نشاط في سويسرا مهما كانت طبيعته. وفي مقابل حظر صادرات المواد الروسية الخاصة بالصناعات الحربية، منعت حكومة برن شركات الصناعات النفطية المحلية من تصدير منتجاتها إلى روسيا. لكن لا يمكن القول إن الحركة التجارية بين سويسراوروسيا مشلولة بالكامل، إذ أن فنلندا تعتبر بوابة نقل إستراتيجية للسلع السويسرية نحو روسيا. وفي حال تعرض الاقتصادي الفنلندي، الذي لم يتعاف أبداً من الأزمة المالية السابقة، لصدمة تجارية مؤذية فإن الضرائب الجمركية الخاصة بتنقل السلع على الأراضي الفنلندية، ومن ضمنها تلك السويسرية، سترتفع لتعويض الخسائر التي ستتكبدها حكومة هلسنكي. وأفاد خبراء في حكومة برن بأن الأضرار التي ستحلق بالاقتصاد الفنلندي لن يكون لها تداعيات مباشرة على سويسرا، لكن مع مرور الوقت، ستتحول هذه الأضرار إلى «دومينو» ستطاول سويسرا، فالمعادلة التجارية بسيطة، إذ في حال تقلصت الصادرات الأوروبية إلى روسيا، وبالتالي الفائض التجاري الأوروبي، فان قدرة الدول الأوروبية المجاورة لسويسرا، ستتعرض لضغوط لجهة حركة شراء المنتجات السويسرية. وأشار كبار التجار في زيوريخ إلى أن تقلص الصادرات السويسرية إلى أوروبا أولاً وروسيا ثانياً، لن تؤثر على حركة التجارة عموماً، بل على قطاعات حساسة مثل السياحة وصناعات الماكينات والمعادن. وفي حال اشتدت الأزمة الروسية -الأوروبية، يمكن القول إن الصادرات السويسرية ستسجل تراجعاً لا يقل عن 10 في المئة حتى نهاية السنة، ما يعني أن نحو بليوني فرنك سويسري (2.12 بليون دولار) ستتبخر. وعبّر كبار رجال الأعمال السويسريين عن خيبة أملهم إزاء الموقف التضامني الذي تبنته حكومة برن ضد روسيا، إذ لطالما اشتهرت سويسرا بطابعها الحيادي. وعبّر بعض الخبراء عن شكوكه حيال مواقف حكومة برن الغامضة وربما غير الصديقة لمصالح التجار، فالمصرف المركزي السويسري والمؤسسات الحكومية التابعة للدوائر الفيديرالية يمكنهم المراوغة للالتفاف على أي تأثير روسي على الاقتصاد السويسري. لكن بعض الشركات، حتى الكبيرة منها، غير قادرة عن التخلي عن مصالحها الروسية التي تدر عليها بلايين الفرنكات السويسرية سنوياً، ولذلك لا يمكن استبعاد نشوب حرب ضروس بين حكومة برن من جهة، وبعض المصارف السويسرية وشركات محلية بارزة، دفاعاً عن مصالح وطنية أصبحت عرضة للشرذمة.