عاد موضوع إجراء الانتخابات البلدية في موعدها مطلع أيار (مايو) المقبل الى واجهة البحث أمس في لبنان، لمناسبة عقد مجلس الوزراء في جلسة استثنائية برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لمواصلة البحث في الإصلاحات على قانون الانتخاب، في ظل استمرار انشغال كبار المسؤولين في عمليات البحث عن بقايا حطام الطائرة الإثيوبية المنكوبة وجزء من الصندوق الأسود الثاني والجثث الباقية من الضحايا، فضلاً عن متابعة التحقيقات الجارية. وفيما أدت فحوص الحمض النووي الى التعرف الى هوية أشلاء وجثث 4 مواطنين لبنانيين جدد من ضحايا ركاب الطائرة، بلغ البحث مراحل مضنية، وأعلن وزير النقل والأشغال غازي العريضي عن كتاب تنويه الى الموظف الذي كان يتابع سير الرحلة من برج المراقبة وكان على اتصال مع قائد الطائرة ومساعده، إضافة الى التنويه بعمل موظفين آخرين. وكرر رفض «الغرق في تحليلات وتأويلات لا تعبر عن الحقيقة»، وقال إن أجهزة الطائرة كانت تعمل في شكل سليم حتى لحظة سقوطها، «وهذا يستبعد فرضية الانفجار أو العمل التفجيري»، معتبراً انه «لا يمكن إعلان أي شيء رسمي حاسم عما جرى لاحقاً إلا بالوصول الى الصندوق الأسود (الثاني) الذي يحوي المعلومات الأساسية»، وأن الصندوق الأول رصدت منه ألف معلومة. واستؤنف البحث في مجلس الوزراء في موضوع الانتخابات البلدية مساء بعد ان كان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون قال إثر اجتماع تكتله النيابي: «لا نريد انتخابات مع إصلاحات مشوهة». وأدى هذا الموقف الى عودة التوجه نحو تأجيل الانتخابات البلدية تحت عنوان إدخال الإصلاحات المطلوبة على قانون الانتخاب في ظل استمرار تمسك بعض الأطراف بإجرائها في موعدها واستناداً الى القانون القديم، نظراً الى ضيق الوقت في ما يتعلق بإدخال الإصلاحات المطروحة ومنها النسبية. وأبرز المتمسكين بالإبقاء على موعد الانتخابات هو الرئيس سليمان الذي يكرر هذا الموقف، أما رئيس الحكومة سعد الحريري فقد كرر أكثر من مرة حرصه على عدم تأجيل الانتخابات لكنه أبدى تجاوبه مع إدخال الإصلاحات على القانون، معتبراً ان اعتمادها يشكل مكسباً لتطوير العملية الانتخابية في البلديات تحسّن التمثيل مع استمرار رفضه القاطع تقسيم مدينة بيروت الى دوائر عدة، أو الى بلديات عدة، نظراً الى ان ذلك «يُحدث فرزاً طائفياً ومذهبياً في وقت يسعى الجميع الى تعزيز اللحمة الوطنية»، كما ان هناك اتجاهاً لدى فرقاء آخرين لتأجيل الانتخابات، ضمناً، من دون المجاهرة في هذا الموقف، تحت عنوان الحفاظ على الأجواء الوفاقية في البلاد. وذكرت مصادر وزارية أن «حزب الله» وحركة «أمل» لا يمانعان في التأجيل وكذلك العماد عون. وقالت مصادر نيابية ان إجراء الانتخابات البلدية على أساس القانون القديم من دون الإصلاحات، يحتم تعديلات لأن القانون القديم ينص على إجرائها في يوم واحد فيما كان مجلس الوزراء أقر مبدأ إجرائها على مراحل بين يومين وأربعة أيام، فضلاً عن ان هيئة الإشراف على الانتخابات التي ينص عليها القانون الحالي قد لا تتمكن من ممارسة مهامها إزاء وجود زهاء 30 ألف مرشح للبلديات على مستوى لبنان. وأشارت مصادر نيابية ووزارية الى ان البندين الإصلاحيين اللذين يحتاجان الى توافق لاعتمادهما هما اعتماد النسبية وفق اقتراح وزير الداخلية زياد بارود، وإقرار قانون تعديل الدستور لجهة خفض سن الاقتراع من 21 الى 18 سنة الذي وضعه رئيس البرلمان نبيه بري على جدول أعمال جلسة نيابية تشريعية في 22 و23 الجاري، على رغم اعتراض عون و «القوات اللبنانية»، لإصرارهما على ربط التعديل بإقرار تمكين المغتربين من الانتخاب». وأخذت التوقعات في أوساط عدة تتحدث إما عن خيار سحب اقتراح قانون تعديل الدستور من الحكومة وهو ما ترى أوساط بري انه غير قانوني لأنه في الأساس اقتراح نيابي، وعن خيار ثان يتمثل في ربط إقرار القانون بإقرار مشروع تمكين المغتربين من الانتخاب، وعن خيار ثالث يقضي بتهريب النصاب في الجلسة النيابية حين يبحث التعديل الدستوري. واستهل الرئيس سليمان جلسة مجلس الوزراء امس بكلمة نوّه فيها ب «الجهود التي بذلها الجميع، كل في مجاله، في التعاطي مع كارثة الطائرة الإثيوبية المنكوبة»، مشيراً الى ان «الدولة تعاطت بطريقة فعالة ومتطورة وحضارية مع هذه النكبة الأليمة للوطن»، وشدد في مجال آخر على «ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في موعدها حتى لو لم تدخل الإصلاحات الجديدة على القانون الحالي». وفي موضوع التهديدات الإسرائيلية للبنان، شدد سليمان على ضرورة التضامن الوزاري لمواجهة هذه المرحلة، مشيراً الى رفض لبنان هذه التهديدات التي تثبت نوايا إسرائيل العدائية، كما طرح إمكان اعتماد يوم نكبة الطائرة عطلة رسمية. وقبل دخول الجلسة، لفت وزير الدولة وائل أبو فاعور الى ان «النقاش سيتركز حول اللوائح المطبوعة سلفاً والنسبية»، وقال: «سنستكمل العصف الفكري». ورداً على سؤال عن ضيق المهلة القانونية لتحويل مشروع القانون الى مجلس النواب، أجاب: «ربما هذا هو المطلوب». ورأى وزير الدولة عدنان السيد حسين أن «موضوع النسبية سيبحث في جلسة اليوم وسيبتّ به إما سلباً أو إيجاباً». وأشار وزير الزراعة حسين الحاج حسن (حزب الله) من جانبه، الى ان «موضوع الإصلاحات في قانون البلديات ليس امراً سهلاً ويحتاج الى نقاش هادئ، فلا أحد خائف من إجراء الانتخابات البلدية، بل يوجد آراء متعلقة بموضوع النسبية وانتخاب رئيس البلدية من قبل الشعب لم ننته من مناقشتها بعد»، لافتاً الى وجود آراء مختلفة، «إلا اننا في حكومة وحدة وطنية وعلينا الحفاظ على حكومة الوحدة وأن ننجز الإصلاحات». وعما اذا كانت الانتخابات البلدية ستحصل فعلاً، وما اذا كان النقاش الحالي سيكون على حساب إجرائها، قال الحاج حسن: «لماذا دائماً تستنتجون وحدكم، فنحن نجري نقاشاً حيوياً وداخل الفريق الواحد هناك آراء عدة». الى ذلك، يطل اليوم الرئيس الحريري عبر حديث تلفزيوني في سياق التحضير للحشد الشعبي الأحد المقبل في ذكرى اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري الخامسة. وأصدر «الحزب التقدمي الاشتراكي» امس بياناً أكد فيه ان الذكرى «تطل على مفترق طرق وتحديات كبرى ويتذكر اللبنانيون الفراغ الكبير الذي خلفه استشهاد الرئيس الحريري وهو الرمز الوطني اللبناني والعربي». وأوضح أن أهالي الجبل «لا يمكن إلا أن يتذكروا الأيادي البيض للرئيس الشهيد».