وجّهت أجهزة الأمن المصرية إلى قياديين في جماعة «الإخوان المسلمين» تهماً هي الأولى من نوعها في التاريخ الحديث للقضايا التي حوكم فيها قادة «الإخوان»، إذ نسبت السلطات إلى 16 قيادياً يتقدمهم نائب المرشد وثلاثة أعضاء في مكتب الإرشاد تهمة تكوين بؤرة «إرهابية» ذات أجنحة في المحافظات الإقليمية تهدف إلى التوغل في أوساط الجماهير لاستقطاب مزيد من العناصر، خصوصاً من فئة الشباب، وصولاً إلى مرحلة التمكين والقدرة على تغيير نظام الحكم في مصر بالقوة. وكانت نيابة أمن الدولة العليا في مصر أمرت بسجن نائب مرشد الإخوان الدكتور محمود عزت وثلاثة أعضاء في مكتب الإرشاد هم الدكتور عصام العريان والدكتور عبدالرحمن البر ومحمد محيي، إضافة إلى 13 من قادة الجماعة في 6 محافظات إقليمية، 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجري معهم، بعدما أوقفتهم السلطات في ساعة متقدمة من صباح الإثنين الماضي في حملات دهم واسعة. وفي وقت أكدت مصادر قضائية ل «الحياة» أن نيابة أمن الدولة ستواصل الأسبوع المقبل تحقيقاتها مع قادة الإخوان تمهيداً لإحالتهم على المحاكمة، اعتبر محامي الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود أن القضية «سياسية بالأساس» وتخضع «لأهواء النظام ... فإذا رغب في التصعيد ستتم إحالة الموقوفين على المحاكمة، أما إذا حدث نوع من التهدئة سيتم الإفرج عنهم بعد مكوثهم داخل السجن لأشهر عدة». وقال ل «الحياة»: «النظام المصري يتعامل معنا بالقطعة، ولا نستطيع التنبؤ بقرارته المستقبلية». وكان قادة الإخوان الموقوفون أصروا خلال جلسة التحقيق الأولى، والتي استمرت إلى ساعة متقدمة من مساء أول من أمس، على عدم الإدلاء بأي اقوال، فيما أمرت النيابة بنقل القيادي في محمد سعد إلى مستشفى معهد القلب في القاهرة بعد تدهور حالته الصحية على أن يتم التحقيق معه بمعرفة النيابة داخل المستشفى. ووفق محاضر التحريات التي واجهت النيابة المتهمين بها، فإن معلومات تلقتها أجهزة الأمن تفيد بأن قادة الإخوان وضعوا مخططاً لتكوين بؤرة سرية تهدف إلى مرحلة التمكين والوصول إلى السلطة بالقوة، وبأنهم عقدوا اجتماعات تنظيمية في ما بينهم، رصدتها أجهزة الأمن، انتهت إلى تكوين تنظيم له أجنحة في كل المحافظات المصرية يهدف إلى التوغل في الأوساط الجماهيرية بهدف استقطاب مزيد من العناصر خصوصاً من فئة الشباب على أن يكون أول شروط الانضمام إلى ذلك التنظيم هو الاقتناع بأفكار القيادي الأصولي سيد قطب والتي تقوم على تكفير الحاكم الذي يقيم حكمه على أساس غير شرعي والقيام عليه بهدف تغييره بالقوة. ولفتت إلى أن التنظيم اتخذ من منازل عدد من كوادر الإخوان غير المرصودين أمنياً مقراً لاجتماعاتهم على أن يتم تغيير المقر في كل اجتماع يتم عقده، كمحاولة للتخفي من الرصد الأمني. وقالت محاضر التحريات التي حصلت «الحياة» على نسخة منها إن ذلك التنظيم الذي يتزعمه نائب مرشد الإخوان الدكتور محمود عزت وضع شروطاً عدة أخرى لقبول أعضاء جدد منها الولاء إلى التنظيم، والالتزام الحرفي بتنفيذ التعليمات، كذلك القدرة على تنفيذ التعليمات على وجه السرعة، إضافة إلى الإمكانات الجسمانية للعناصر المستقطبة على «تنفيذ المهمات الموكلة إليهم تحت زعم الجهاد في سبيل الله ونصره رسوله». وأوضحت التحريات في القضية التي تحمل الرقم 2002 لسنة 2010 حصر أمن دولة، أن قادة التنظيم بدأوا بالفعل في إخضاع عدد من العناصر المستقطبة لبرامج فكرية وعسكرية، وأن التنظيم أعاد نظام «البيعة الشرعية بالسمع والطاعة»، وأنهم اعتبروا أن تلك المفاهيم أحد الشروط لاستمرار العضو المستقطب تحت راية التنظيم. وأشارت إلى أن قادة الإخوان «عملوا على جمع التبرعات لتمويل نشاطهم الإرهابي من خلال اشتراكات شهرية تحصل من كل عضو بواقع 10 في المئة من إجمالي راتب العضو». ولفتت إلى أن التنظيم بدأ بالفعل في استقطاب أعداد كبيرة من طلبة الجامعات الإقليمية وأقاموا لهم معسكرات في عدد من الأماكن النائية في المحافظات، تم تلقينهم خلالها برامج ثقافية وفكرية تركزت على الأفكار التي تضمنتها كتب سيد قطب. وأشارت إلى أن الطالب المستقطب يمر على مراحل عدة قبل قبوله في التنظيم، يتم خلالها قياس قدراته النفسية وقبوله لمبادئ التنظيم، كذلك تلقينه تدريبات رياضية وحركية ليكون قادراً بعدها على القيام بالمهمات الموكلة إليه. وقالت التحريات إن التنظيم قام بتوزيع عدد من المنشورات المناوئة للسياسة العامة في البلاد والتي تحض على نظام الحكم. وأكدت محاضر التحريات أن نشاط التنظيم «من شأنه الإضرار بمصالح مصر في الداخل والخارج» ونبهت إلى أن قادة التنظيم كانوا «يتحينون الفرصة للاستيلاء على السلطة وإحداث حالة من الفوضى والقلاقل في البلاد». من جهته، أعلن ل «الحياة» محامي الإخوان عبدالمنعم عبدالمقصود أنه سيتقدم بطعن ضد قرار توقيف قادة الجماعة خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكداً أن إجراءات قانونية وقضائية عدة سيتخذها تباعاً في حال واصلت السلطات الأمنية اتباع سياستها التي وصفها ب «المتعنتة» تجاه «نخب مصرية لا ذنب لها سوى أنها تعارض النظام»، معتبراً أن الهدف من القضية الجديدة «تحجيم» دور جماعته و «منعها من تأدية دورها الشرعي تجاه قضايا الأمة ومن بينها القضية الفلسطينية».