لم تستفِد دول منطقة اليورو من منافع انخفاض سعر صرف العملة الموحدة لزيادة تصدير منتجاتها، لأنها اصطدمت بتراجع الطلب على صادراتها من جانب الدول النامية التي تشكل أهم شركائها حول العالم. إذ ترزح شركات كثيرة في الدول النامية تحت ديون كبيرة، والمتوقع أن يزيد من ثقلها رفع الفائدة الأميركية. ونبّه المحللون السويسريون إلى أن آلية رفع الفائدة الأميركية ستقطع آمال النمو الاقتصادي العالمي مع كل ما يواكبه من تداعيات سلبية على صادرات القارة القديمة. وفي مراجعة للصادرات الألمانية، يُلاحظ أن 6.6 في المئة منها تستوعبها الصين، في حين تتجه 3.7 في المئة من الصادرات الأوروبية والسويسرية (لا سيما السلع الفاخرة) إلى الصين. وعدّد الخبراء في المرصد الاقتصادي الوطني في برن ثلاثة عوامل رئيسة، تحولت إلى كارثة حقيقية بالنسبة إلى الدول النامية، تمثل الأول بتحمّل الأسر والشركات وزر الديون. إذ آلت السياسات المالية التوسعية التي تبنتها المصارف المركزية الآسيوية إلى تدفق رؤوس أموال أجنبية مقدرة بتريليونات الدولارات إلى قلب اقتصاداتها. وشجع ذلك الشركات على ترتيب ديون ضخمة عليها، بحيث زادت ديون القطاع الخاص في الدول النامية بنسبة 30 في المئة منذ العام 2008 وحتى اليوم، وتجاوزت نسبة 50 في المئة في القارة الآسيوية. ففي الصين مثلاً، كانت ديون القطاع الخاص تشكل 98 في المئة من الناتج القومي عام 2008، فيما تمثل حالياً 160 في المئة من هذا الناتج. ويتركّز معظم هذه الديون بالعملات الأجنبية في مقدمها الدولار الأميركي، الذي زاد كثيراً من عبء هذه الديون في ضوء ارتفاع سعر صرفه. أما العامل الثاني فهو تحول الدولار الأميركي إلى كابوس بالنسبة إلى شركات الدول النامية، في ظل اقتراب الاحتياط الفيدرالي الأميركي من رفع نسب الفوائد، ما يعني أن قيمة الدولار ستبقى عالية في أسواق الصرف. وبما أن غالبية السندات الخاصة التابعة لشركات الدول النامية مُباعة بالعملة الأميركية، فسيكون تسديد مستحقاتها شبه مستحيل نظراً إلى قوة الدولار، علماً أن عدد إصدارات هذه السندات قفز في شكل ملحوظ هذه السنة.