العملية الأخيرة في دبي لجهاز الموساد الإسرائيلي لن تكون الأخيرة، فالموساد يستغل حال الهدوء والطمأنينة التي تنعم بها أية دولة لزعزعة الأمن، ومثال على ذلك ما جرى في الأردن قبل أعوام، وما جرى في لبنان قبل أيام، وما حصل أخيراً في دبي ذات الازدهار والاستقرار والتجربة الناجحة. الموساد لا تنقصه الخبرة في الاغتيالات والتصفيات والبلطجات، فباعه طويلة في ذلك، حيث اغتال سابقاً العديد من قيادات منظمة التحرير والجهاد الإسلامي، و «حماس» ليست استثناء في ذلك. يبقى السؤال هل نجاحات الموساد بلا ثمن؟ وهل الثمن الذي سيدفعه لاحقاً يعادل أم يفوق ما قام به؟ هذا ما ستجيب عليه المقاومة. كل مؤسسة أو حركة أو دولة لا تتهاون في أمنها وهو ما ينطبق على الجميع، وهذا يعني استخلاص العبر من كل حادثة صغرت أم كبرت. العبر من حادثة دبي كثيرة، وهي في حاجة إلى الحكمة، لان الاحتلال يملك عقلية إجرامية وأدوات وتقنيات حديثة تجعله لا يتوانى عن فعل ما يخالف كل القوانين والشرائع السماوية. الموساد لا يعرف حرمة أو حصانة أية دولة في العالم. كل قرارت الأممالمتحدة ومجلس الأمن لم تطبق دولة الاحتلال واحداً منها، وكون الجريمة وقعت في دولة عربية «معتدلة»، تتبنى توجهات ليبرالية اقتصادية واجتماعية، واستضافت قبل أيام وزيراً للاحتلال شارك في مؤتمر حول الطاقة المتجددة، يبين أن الاحتلال لا يعترف بأمن الدول العربية، سواء كانت معتدلة أو غيرها، ولا يحترم حتى من يستضيفه. يخطئ الموساد إذا اعتقد أن الاغتيالات ستكبح وتحد من الرافضين لوجوده القائم على القوة الظالمة المتغطرسة. سبق للموساد ان اغتال أبو جهاد وأبو علي مصطفى ويحيى عياش وكانت النتيجة المزيد من العمليات الثأرية والقتل في صفوف جنوده ومستوطنيه. أما القول إن الحركات الفلسطينية مخترقة من قبل الاحتلال، فهذا أمر قد يحصل في كل حركات التحرر على مدى التاريخ، ولا يعني التسليم بهذا، وهو يتبع مدى صلابة وقوة هذا الفصيل أو ذاك. في المقابل فإن الفصائل الفلسطينية اخترقت استخبارات الاحتلال وحققت ضربات موجعة في جسده. نجاحات الموساد أو إخفاقاته تتبع لأي مدى توجد لدى الفصائل ثقافة واحتياطات أمنية عالية، مع وجود فارق أن القوى الفلسطينية لديها من الأخلاق ما يمنعها من التطاول على سيادة وكرامة الدول وزعزعة أمنها. درس دبي يجب أن يوقظ القوى الفلسطينية ومعها الدول العربية لتوحيد القوى والجهود في بوتقة التصدي للاحتلال الذي لا يفرق بين معتدل وغيره.