شدّد اختصاصيون في شؤون الجماعات الإرهابية، على ضرورة تفعيل متابعة أسلوب التعليم في المدارس والجامعات والتحقق من مدى كفاءة المعلمين، مطالبين في الوقت ذاته بإقرار عقوبات على الأسر التي تتستّر على أبنائها الذين ينتهجون الفكر الضال، داعين إلى سرعة تطبيق الأحكام الشرعية على المطلوبين الذين تم القبض عليهم في الأحداث الإرهابية السابقة ليصبحوا عبرة لغيرهم، معتبرين أن نهج تفجير المساجد يعكس ضعف تلك الجماعات المارقة باختيارهم لمواقع يُعرف عنها الأمان والاطمئنان. وأوضح رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكةالمكرمة سابقاً أحمد الغامدي، أن آلية التعليم في بعض المدارس والجامعات قد يشوبها كثير من السلبيات التي تؤدي إلى اعتناق بعض الأفكار المضللة، مطالباً وزارة التعليم بتشكيل فرق ميدانية ذات كفاءة تعمل على متابعة المعلمين وطرق تدريسهم للطلاب. وقال في حديث ل«الحياة»: «قد يكون لدى بعض المعلمين توجه فكري سلبي يقوم على العنف والقتل، ويبثونه على طلاب صغار في السن فيتحقق بذلك التأثير، لذا فإن المتابعة الدقيقة للمعلمين تسهم في حماية أبنائنا من تلك الأفكار التكفيرية، فالمملكة نجحت في مواجهة الإرهاب والحد منه بوسائل عدة، ومتابعة المدارس والجامعات تأتي من بين تلك الوسائل الإيجابية التي يجب تفعيلها، كما لا بد من تطبيق أحكام الشريعة بحق الإرهابيين الذين تم القبض عليهم إثر قتلهم للأبرياء الآمنين واستباحة دمائهم، وأن يكون تطبيق الأحكام علنياً ليتعظ الآخرون ممن ينتهجون فكرهم». ونوّه الغامدي بأهمية العمل المتواصل على كشف أفكار الجماعات الإرهابية سعياً لتوعية النشء خصوصاً وفئات المجتمع عموماً، مبيّناً أن أبرز الجوانب الفكرية التي ينطلقون منها تستهدف في معظمها زعزعة الأمن وقتل الأبرياء والتغرير بالشباب وتكفير ولاة الأمر والعلماء واستهداف رجال الأمن من مختلف القطاعات، مضيفاً: «كذلك يجب أن نعمل معاً على الحد من الأفكار المتشددة التي يطلقها بعض من يطلق عليهم دعاة». بدوره، أفاد الخبير السياسي دحّام العنزي أن بعض المناهج الدراسية لطلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بحاجة إلى تغيير وتعديل، إضافة إلى الحاجة لمتابعة أفكار بعض أساتذة الجامعات في المملكة. وقال في حديث إلى «الحياة»: «قد يتسبب بعض الأساتذة الجامعيين في إشاعة الفكر الضال وتأييد القتال، والأمر ذاته قد ينطبق على المدارس خصوصاً المرحلتين الابتدائية والمتوسطة»، فيما شدّد العنزي على ضرورة محاسبة عوائل المفجرين والمطلوبين أمنياً وتم التستّر عليهم، معتبراً أن هذا التستّر يسهم في ارتكاب بعض العمليات الإرهابية التي تستهدف الآمنين سواء في المساجد أم القطاعات العسكرية، داعياً إلى ضرورة التشديد على القطاعات العسكرية والتشديد في الدخول إليها من غير العاملين فيها، «فالمملكة بلد مستهدف ويجب التشديد على دخول تلك المواقع من المواطنين». بدوره، أكد الاختصاصي الاجتماعي والباحث في شؤون الأمن الفكري الدكتور سليمان العقيل، أن تفجير «مسجد طوارئ أبها» يهدف بالدرجة الأولى إلى محاولة زعزعة الاستقرار وثقة الناس في ولاة الأمر والأجهزة الحكومية. وأضاف العقيل في حديثه إلى «الحياة»: «هذه العملية الإرهابية الجبانة اختارت هذا المكان لأننا نحن السعوديين نعيش إجازة صيفية، وكثير من المصطافين هناك، كما أن أصحاب هذه النفوس الدنيئة يعلمون أن الجنوب يوجد فيه حالياً كثير من العسكريين المرابطين في الحد الجنوبي لحماية حدود المملكة من اختراقات الحوثيين، ويظنون أن العين على حدود المملكة الجنوبية من كل السعوديين، وأنها ستكون غافلة عنهم لانشغال الوطن بدفع العدو الحوثي، وبذلك اعتقدوا أنه باستطاعتهم أن يقوموا بأية عمليات إرهابية، بعد أن أدركوا أن الأمور منضبطة تماماً في مدن مثل الرياضوجدة وغيرها، لذا استغلوا مدينة أخرى كأبها بهدف ضرب ثقة المواطنين بالجهات الأمنية، إضافة إلى بث الرعب في قلوب السعوديين عموماً، لكنهم فشلوا كعادتهم». واعتبر أن اختيار منطقة عسير لهذا العمل الإجرامي له مجموعة كبيرة من الدلالات، مضيفاً: «يمكن اعتبار عسير بأنها قريبة بشكل عام من نقاط الاشتباك مع الحوثيين على حدودنا، وفي هذا دلالة واضحة على أنهم يخدمون تياراً معادياً للبلاد»، وشدّد على ضرورة زرع حب الوطن، وحب المسلمين وولاة أمرهم عبر وسائل عدة، مبيناً أن التنظيمات الإرهابية تزرع في أكثر هؤلاء الشبان كراهية الوطن والمسلمين وولاة الأمر، وتغرس فيهم العداء والبغض لهم». وتابع: «هؤلاء يعيشون حالاً وهمية خيالية عن كيفية المجتمع المسلم، وعندما يعيش الإنسان هذه الحال وينفصل عن الواقع يكون أقرب إلى الفساد منه إلى الإصلاح، ويسهل جعله مطية لمن أراد أن يمتطيه عدواً كان أم صديقاً»، مشيراً إلى أن الذين يتورطون في هذه العمليات تكون حصيلتهم المعرفية والثقافية والحضارية والدينية ضعيفة في الغالب، ويعتمدون على مجموعة نصوص حفظوها وأكد عليها من أقنعهم بهذا الفكر».