تمر علينا أيام نفقد فيها أشخاصاً بعض الوقت، فعندما قررتْ أمي أن تسافر بضعة أيام شعرنا بالحزن، ورغبنا في أن تتراجع عن قرارها، لكن من دون جدوى؛ فهي تريد السفر مع خالاتي الغاليات وأتى اليوم الموعود، فاستيقظنا جميعاً من النوم باكراً لنودعها. شعرت بسعادة على حزن. كانت مشاعري مشتتة سعدت؛ لأنها ستسافر، وهي سعيدة وحزنت لمفارقتها وبمدى المسؤولية، فلقد أمنتني على المنزل وأن أهتم بإخوتي الصغار، فقد بدا المنزل غريباً على غير العادة موحشاً، مظلماً. ذهبت إلى إخوتي وجدتهم يبكون وسرعان ما رأوني مسحوا دموعهم ويتمتمون (مافينا شيء). أردت أن أتحدث إليهم وأوزع الأعمال بيننا، لكي نسعد أمي عند عودتها، لم أستطع التحدث فصوتي يبين لهم بأنني قد بكيت وقلت: هي أيام قليلة وستعود أمي. صعدت مسرعة لغرفتي لأتصل بأمي وأطمئن عليها، فأنا لم أتخيل يوماً أنها سوف تبتعد عنا، حتى أبي أراه يتمتم باسمها، أصبحت أنا وأختي نعد الطعام فاعتقد أبي بأن أمي عادت فأتى مسرعاً، وهو يقول: «عيوش، عيوش» ولكن لا أحد يجيب، فحزن كثيراً. اشتقنا إليها انتظرنا عودتها بلهفة، إن لوجودها طعماً آخر، أحبك أمي.