كثيراً ما يتكرّر الدرس في ما يخص عدم احترام بعض الفرق والمنتخبات لمنافسيها، أو السقوط في فخ الاستعلاء على الآخرين لأسباب مختلفة «قد يكون بسبب لعب بعضهم في فرق أوروبية شهيرة مثلاً!»، أو فخ الثقة الزائدة بالنفس. وقد رأينا قبل ليالٍ بسيطة، كيف وقع المنتخب الجزائري في بعض أو جميع هذه الأفخاخ، أمام المنتخب المصري، الذي كان من الواضح أنّه نزل هذه المباراة للفوز بها، ولا شيء غير ذلك! وأقول «لا شيء غير ذلك»، ملمحاً لإعراض لاعبي المنتخب المصري عن لمحات عدّة كادت تقود لشد أو حتّى اشتباك بالأيدي مع بعض لاعبي المنتخب الجزائري، الذين لم يكونوا واقعين في فخ عدم احترام الخصم، أو فخ الثقة الزائدة بالنفس وحسب، ولكن أيضاً كانوا في قمّة النرفزة والتوتّر، إذ من الواضح أن إعدادهم النفسي لمثل هذا اللقاء المهم، لم يكن في مستوى الإعداد النفسي الذي تم عمله لعناصر المنتخب المصري. بل، وتظل خسارتهم للقائهم أمام نيجيريا مساء أول من أمس (السبت)، امتداداً لخسارتهم الكبيرة أمام المنتخب المصري. وللعلم، فالمنتخب المصري نفسه قد سقط في هذه الأفخاخ في التسعينات الميلادية، أمام المنتخب السعودي، عندما لعب أفراد المنتخب المصري آنذاك بثقة أعلى من عنان السماء، واستهتار كبير بالخصم، وصل لحد الاستصغار، وتهوّر كبير في التعامل مع مجريات وقرارات حكم المباراة، ممّا أدّى لخسارة المنتخب المصري أمام نظيره السعودي بخمسة أهداف، كادت أن تكون نظيفة، لولا تسجيل المنتخب المصري هدفاً وحيداً في آخر دقائق المباراة. في المثالين السابقين، كان ممكن أن يفوز المنتخب المصري على الجزائري، والمنتخب السعودي على المصري، حتّى لو كان هناك احترام متبادل للمتنافسين، ولا أبخس الخصوم حقوقهم، ولكن كان من الممكن أن ينتهي هذان اللقاءان بنتائج أكثر واقعيّة مما انتهت عليه المباراتان! بل وكانت للمنتخب السعودي أيضاً تجارب مثيلة أمام فرق أخرى أقل منه تاريخاً ومهارة، وخسر أمامها لعدم احترام عناصر المنتخب لخصومهم في تلك المباريات. وعلى أية حال، فالدرس يتكرّر، وفرقنا ومنتخباتنا العربيّة قلّما تتعلّم من الدروس. إنّه من النضوج والبلوغ والرشد الكروي، أن يحترم الخصم خصمه، وهذا في اعتقادي أحد أهم عوامل بقاء البرازيل (على سبيل المثال) متربّعة على عرش الكرة العالميّة، حتّى لو خسرت كأس العالم لدورة أو دورتين. إذ مهما كان الفريق الذي يلعب أمام البرازيليين، تجدهم يلاعبونه باحترام، حتّى لو تغيّر التكتيك، ولا ترى في تصرفات لاعبيه ما يدل على استعلائهم على أي فريق يقابلهم، مهما قل شأنه وتاريخه. ولذلك، يكون لاعبوهم كباراً، ويظلّون كذلك. أكتب مقالتي هذه، وأنا لا أعرف ما هي نتيجة مباراة مصر وغانا على نهائي كأس الأمم الأفريقية، ولكنّني على يقين بأن المنتخب المصري سيظفر بالكأس الأفريقيّة إذا ما تعامل مع المباراة بالطريقة نفسها التي تعامل بها مع المنتخب الجزائري في مباراة نصف النهائي. وعلى أيّة حال، كلّنا مصريّون في أنغولا حتّى النخاع، مثلما سنكون جزائريّين في جنوب أفريقيا حتّى النخاع أيضاً. ومهما كان الطموح، فلا إنجاز بلا احترام المنافس، مهما كنّا.. ومهما كان. [email protected]