لا يختلف لبنان عن دول كثيرة في العالم في التحضير للعودة إلى السوق الإيرانية، بعد توقيع الاتفاق النووي الذي مهّد الطريق أمام رفع العقوبات المفروضة على إيران منذ العام 2006. وبدأ القطاع الخاص اللبناني المشهود له بتطلّعه الدائم إلى التوسع في أسواق العالم، وضع خريطة طريق العودة إلى السوق الإيرانية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والمالية والتجارية. وسألت «الحياة» رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية الوزير السابق عدنان القصار عن خطة القطاع الخاص في هذا السياق والفترة التي ستستغرقها الخطوة الأولى، فكشف أن هذا الموضوع هو «مدار بحث حالياً لدى الهيئات الاقتصادية، خصوصاً أننا نأمل في انعكاس الاتفاق النووي على الساحة اللبنانية على المستويين السياسي والاقتصادي». وأوضح أن الهيئات «في صدد التحضير المناسب من خلال الوقوف على مرئيات كل القطاعات الاقتصادية، بهدف تحقيق قفزة نوعية جديدة في العلاقات الاقتصادية بين لبنانوإيران». ولفت إلى «الطاقات الاقتصادية الواعدة في إيران، وهي تتمتع بثروات نفطية ومعدنية، وسوق استهلاكية تضم نحو 80 مليون نسمة، وقوى عاملة متعلمة وكفوءة، ومجالات لا حصر لها من الفرص والإمكانات». ورأى أن الفترة المتوقعة للتحرك «مرتبطة بمدى التقدم في تطبيق الاتفاق، إذ لا تزال أمامه مراحل كثيرة قبل أن تُرفع العقوبات الاقتصادية»، لذا «ستأخذ الأمور وقتاً قبل ظهور التأثيرات الإيجابية». وعن القطاعات المهتمة بهذه الأسواق أو تلك التي تجد فيها جدوى وفرصاً، والمعوقات التي يمكن أن تعترض الاستثمار، أعلن القصار أن «قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات وتحديداً المقاولات والمعلوماتية إلى جانب المصارف، يمكنها الاستفادة من السوق الإيرانية»، معتبراً أن «بعد فترة طويلة من العقوبات الاقتصادية القاسية، تحتاج إيران اليوم إلى إعادة استنهاض الدورة الاقتصادية ارتكازاً على التطور التكنولوجي والصناعي، وما يتطلبه ذلك من استثمارات ضخمة». لذا أمل في أن «تترافق حالة الانفتاح الإيراني الدولي مع انفتاح الاقتصاد الإيراني لتعزيز دور القطاع الخاص المحلي وتسهيل التعاون التجاري والاستثماري في شتى المجالات، خصوصاً أن لدى إيران قواعد صناعية مؤهلة وكفوءة، تسمح لها بالمنافسة وتستفيد كثيراً من تعزيز آليات السوق الحرة». ولاحظ القصار «تزاحماً لا سابق له من دول العالم والشركات الدولية الكبيرة للدخول إلى السوق الإيرانية، وعلينا تحضير ملفاتنا جيداً ارتكازاً على المزايا النسبية لقطاعاتنا في مختلف المجالات». وإذا كان يتوقع خطوات أسرع للقطاع المصرفي في عملية الدخول إلى هذه السوق، أمل القصار ذلك مؤكداً «ثقته في قدرة هذا القطاع على منافسة المصارف العالمية الكبيرة في هذا المجال». وألمح إلى «وجود ارتياح لدى المصارف اللبنانية، لما للاتفاق من تأثير إيجابي متوقع على الحركة المالية، خصوصاً أنها محكومة بالتزام العقوبات والقوانين الدولية». وشدد على أن «إزالة الحظر على التحويلات المالية الدولية سيكون بذاته المفتاح الأساس لعودة قوية للاقتصاد الإيراني إلى الساحة الدولية». إذ اعتبر أن «هذا الأمر يمثل العصب الأساس للنشاط الاقتصادي في إيران، والتي عانى اقتصادها كثيراً في الفترة الماضية، بعد منع التعامل عبر شبكة «سويفت» المصرفية، ما أدى إلى جفاف السيولة وأوقع الاقتصاد الإيراني في حال جمود صعبة». وربما يكون التبادل التجاري أولى الخطوات في العودة إلى السوق وتعزيز حجمه مجدداً، بعدما «أثّرت العقوبات في شكل ملحوظ على الحركة التجارية بين البلدين بانخفاضها إلى ما يزيد على النصف»، وفق ما أكد القصار، لافتاً إلى أن المبادلات «متواضعة جداً حالياً قياساً بالإمكانات». وأشار إلى أن الصادرات اللبنانية إلى إيران «بلغت نحو 11 مليون دولار في مقابل 50 مليوناً للمستوردات منها عام 2014، استناداً إلى إحصاءات الجمارك اللبنانية». واعتبر أن «تلك الأرقام هزيلة جداً قياساً بالإمكانات الفعلية لدى الجانبين».