انحسرت أكياس النفايات التي غطّت زواريب وشوارع بيروت وضاحيتها قبل عشرة أيام، بشكل ملحوظ أمس، مع بدء تطبيق خطة الطوارئ التي أعلن عنها محافظ بيروت زياد شبيب عصر أول من أمس. وفي جولة على الخندق الغميق، الحمرا، وامتداد كورنيش المنارة - عين المريسة، حيث الفنادق والمراكز السياحية وقرب المطاعم والمقاهي، بدت الحاويات في الشوارع خالية من تلال النفايات التي تراكمت خلال الأسبوعين الماضيين، مع بقاء لون المادة الكلسية البيضاء التي كانت رُشت على الأكياس تفادياً للحشرات. في شارع الحمرا، الذي كادت الكمامات تصبح جزءاً أساسياً من لوازم سكانه ورواده والعاملين فيه، تجلس إحدى الفتيات في شارعها تحتسي رشفة من القهوة لتسرع بعدها إلى وضع كمامتها على وجهها، على رغم تراجع الرائحة العفنة، لكنها تقول إنها لا تزال تستنشقها. أما بائع الصحف الذي يمر الوقت عليه ثقيلاً، فعاد إلى مكانه الاعتيادي، حيث يعرض الصحف بعدما كان أُرغم على الانتقال إلى مكان آخر لينتظر الزبائن بعدما تراجع عدد المارة وسط الشارع بسبب انتشار النفايات. وفيما لم يعلن رسمياً عن الأماكن التي يتم فيها رمي النفايات بعد جمعها وتكبيسها ووضعها في بالات، لوحظت شاحنات تفرغ النفايات فوق جسر الكرنتينا المحاذي لنهر بيروت. في المحلَّة عينها، وعلى بعد خطوات عديدة، يظهر العاملون في محل للدجاج وكاراج لتصليح السيارات وكأنهم تأقلموا مع المشهد. يحمل علاء الدين مكنسة قديمة ويقذف الأوساخ خارجاً. واقعه الجديد مطوق بالقمامة: أكوام من النفايات العشوائية على مرأى العابرين الى جانب جسر الكرنتينا، وخلفه موقع جديد مستحدث ترمى فيه كمية كبيرة من بالات النفايات تحرسه عناصر قوى أمنية على مدخله، وإلى جانبه قمامة مبعثرة على الأرض خارج الحاويات وتجمع أعداد كبيرة من الحشرات المؤذية. ويقول: «منذ 3 أيام تأتي شاحنات وترمي النفايات مقابلنا، ارتحنا لوقت قصير من الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من مسلخ بيروت، والآن ضقنا ذرعاً من التسكع والعمل على رائحة النفايات». أما في الكرنتينا وبالقرب من الأسواق الشعبية، فساحة تحولت مكبا في أسبوعين. تسحب سيدة صالح، صاحبة فرن صغير ودكانة، طرف قميصها لتحبس أنفاسها القصيرة ريثما ترتاح قليلاً من الرائحة الكريهة المحيطة بها وهي تحضّر الطعام. ويقول العامل سميح لويس: «ليل أول من أمس أفرغت حوالى 60 شاحنة الزبالة في الموقع. هم لا يأتون نهاراً لأننا اعتصمنا صباح أول من أمس رفضاً لذلك»، كلام لويس كرّره هيثم أبو مراد الذي يعمل أيضاً في المحلّة.