تفاقمت أزمة تراكم النفايات في بيروت وضواحيها ومناطق جبل لبنان أمس بعدما تعذر نقلها إلى المطامر المقترحة في خطة وزير البيئة محمد المشنوق، وخصوصاً كسارة سبلين في إقليم الخروب، بسبب رفض أهالي إقليم الخروب استقبالها في منطقتهم. وتواصل مشهد القمامة المبعثرة على الأرصفة والطرق مع توقّف شاحنات سوكلين عن رفعها. وارتفعت أكياس النفايات في الحاويات وسد بعضها طرقاً فرعية أمام المارة، فيما كان يُجرى رشها بين الحين والآخر بمادة كلسية للقضاء على التعفّن والحشرات. واستمرت عمليات إحراقها في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق المتن وكسروان. وشوهد توقّف شاحنات محمّلة ببالات النفايات التي كان يفترض نقلها إلى المطامر بعد تكبيسها في منطقة الكرنتينا. وعلى أوتوستراد الجنوب، علق العابرون لساعات متأخرة في بلدة الجية لساعات متأخرة من لليل قبل الفائت بعد عطلة نهاية الأسبوع، بعدما قطع أهالي إقليم الخروب الطريق بالسواتر الترابية والحجارة. واستمر قطع الطريق حتى ظهر امس. واستخدمت قوة من مكافحة الشغب التابعة لقوى الأمن الداخلي، خراطيم المياه لتفريق المعتصمين، الذين ردوا برشقها بالحجارة، ما تسبب بإصابة أربعة عناصر قبل أن يُعاد فتح الأوتوستراد بعدما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في بيان أنه لن تجرى أي عملية نقل للنفايات إلى إقليم الخروب أو إنشاء مطمر في أي موقع في المنطقة عينها، ما لم يتم التوافق على أي خطوة من هذا النوع مع رؤساء البلديات وممثلي المجتمع المدني. وأكد أن هذا القرار اتخذ بعد التشاور مع رئيس الحكومة تمام سلام وزعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط. وأشار إلى أن «استغلال الإشاعات حول هذا الموضوع بعد اجتماع الداخلية، لا يؤدي إلا إلى المزيد من التوتر الذي لا يخدم أهل الإقليم». وفيما تواصلت المساعي والاجتماعات للبحث عن حل مرحلي للأزمة، ترأس سلام اجتماعاً للجنة الفرعية لمعالجة الأزمة بمشاركة وزراء الزراعة أكرم شهيب، المال علي حسن خليل، الصناعة حسين الحاج حسن، التنمية الإدارية نبيل دوفريج، الداخلية نهاد المشنوق، البيئة محمد المشنوق، التربية إلياس بو صعب الطاقة والمياه آرتور نظريان. وحضر الاجتماع رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر ورئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك. وعلمت «الحياة» أن «الرئيس تمام سلام شدد على ضرورة تعاون الجميع لحل الأزمة والابتعاد من المناكفات السياسية ورمي بعضنا كرة الأزمة في ملعب بعض، فإذا عمل كل شخص منا على هواه واستُدرج إلى مزايدات لن نصل إلى نتيجة إيجابية». وتم البحث عن حلول موقّتة «ريثما نتمكّن من وضع استراتيجية شاملة لمعالجة النفايات، خصوصاً أن بقاءها على الطرق وبين الأماكن السكنية سينعكس سلباً على الوضع الصحّي للمواطن وسيكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية، إضافة إلى أنه يسيء إلى صورة بلدنا في الخارج، لا سيما أننا في موسم الاصطياف الذي نعول عليه أهمية لتحريك عجلة الاقتصاد»، كما قال سلام. وجرى في الاجتماع درس مجموعة من المبادرات على أساس توزيع النفايات على مطامر لكنها ليست نهائية، ريثما يعود كل وزير إلى الاجتماع المسائي الذي عقد أمس بأجوبة نهائية بعد مراجعة مرجعيته السياسية. وأُعلم الوزراء خلال الاجتماع بوساطة رسائل نصية، أن رئيس بلدية عرسال أبدى استعداده لطمر النفايات في جرود عرسال غير المستعملة والواقعة بمحاذاة الحدود مع سورية، واستدعى الأمر طرح أسئلة عديدة حول كيفية تأمين نقلها إلى المنطقة والظروف الأمنية المحيطة بها. وفي هذا السياق، تقرَّر إلغاء اجتماعات اللجان النيابية التي كانت ستعقد اليوم، وأبرزها لجنة الأشغال والطاقة إفساحاً أمام البحث عن حلول لطمر النفايات ولئلا تؤدّي المداولات في داخلها إلى مزيد من الاحتقان السياسي من شأنه أن يرفع منسوب التوتر بين الأطراف المعنيين بتوفير هذه الحلول. واستدعى وعد الوزير نهاد المشنوق، اجتماعا طارئاً لاتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي في محافظة جبل لبنان- قضاء الشوف برئاسة رئيس الاتحاد محمد بهيج منصور الذي أعلن عن فتح طريق الجية وطرقات الإقليم، مؤكداً رفضه النهائي لرمي النفايات في الإقليم. واكدت وكالة داخلية الشويفات- خلده في الحزب التقدمي الاشتراكي، في بيان «الاتفاق مع بقية القوى السياسية ومجلس الإنماء والإعمار مع شركة سوكلين، على أن تقوم هذه الأخيرة بنقل نفايات مدينة الشويفات وجمعها موقتاً في العقار المحاذي لحائط المطار، كحل موقت».