تلتزم حركة «طالبان» صمتاً مطبقاً حيال معلومات متزايدة وتصريحات حول مصير زعيمها الملا محمد عمر، إذ نقلت وسائل إعلام باكستانية عن وزير سابق في حكومة الحركة قوله إن الملا عمر توفي منذ سنتين وأربعة أشهر، بعد إصابته بالسل الرئوي، ودفن قرب الحدود داخل أفغانستان بحضور نجله الملا يعقوب. وقال البيت الابيض ان المعلومات عن وفاة الملا تتصف ب «الصدقية». لكن قيادات وشخصيات في «طالبان» واصلت تأكيد تمتع الملا عمر البالغ من العمر 52 سنة، بصحة جيدة، متجاهلة تململاً داخل الحركة لغياب زعيمها عن الساحة وعدم ظهور أي تسجيل صوتي له منذ عام 2008، إضافة إلى أن أياً من المقربين منه لم يره منذ ذلك الوقت. أدى ذلك إلى تكهنات بأنه قد يكون سجيناً لدى السلطات الباكستانية أو الأميركية في ظل تكتم شديد عليه. اتصلت «الحياة» بالوزير «الطالباني» السابق الذي طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً إن قيادة الحركة ارتأت ألا تعلن خبر الوفاة في حينه، نظراً إلى الأوضاع في أفغانستان آنذاك، في خضم المعركة مع القوات الأجنبية، وأيضاً في ظل محاولات لشق الصف من جانب من وصفهم ب»أعداء الإمارة الإسلامية» (نظام طالبان). وفيما أكدت الاستخبارات الأفغانية أمس، أنها تحققت من الوفاة، أعلنت «طالبان» أنها بصدد إصدار بيان في هذا الشأن، لا بد أن يحسم قضية خلافة الملا عمر إذا تأكدت وفاته، خصوصاً أن قيادات «طالبانية» تداعت إلى عقد اجتماع ل»شورى» الحركة قبل نهاية الأسبوع ليتزامن ذلك مع موعد الجولة الثانية من الحوار بين ممثلي «طالبان» والحكومة الأفغانية. ونقل تقرير عن عضو في «شورى طالبان» إن أعضاءها سيناقشون مسألة خلافة الملا عمر. ويعتقد أن السلطات الباكستانية سربت نبأ الوفاة إلى كابول. وأسس الملا عمر «طالبان» في قندهار صيف 1994 لمحاربة الفساد الذي اتسم به حكم أحزاب المجاهدين بعد انهيار النظام الشيوعي في أفغانستان في نيسان (أبريل) 1992. وتمكن من جمع عدد من القادة الميدانيين من فصائل مختلفة حوله ونجحوا في السيطرة على قندهار ومن ثم هلمند وزابل وهيرات قبل أن يصلوا إلى كابول في أيلول (سبتمبر) 1996 ويسيطروا على أكثر من 90 في المئة من الأراضي الأفغانية. وكان الملا عمر عين الملا عبد الغني برادر نائباً له، لكن الأخير اعتقل في كراتشي قبل سنوات ما أدى إلى قطع علاقته بالحركة، ولم يسعفه إفراج السلطات الباكستانية عنه لاحقاً، في استعادة منصبه. ويرى مراقبون أن علاقته القوية بسيد طيب آغا مدير المكتب السياسي للحركة المقيم في قطر، قد تعطي دفعة قوية لإمكان انتخاب برادر زعيماً. ويطرح مسؤولون في «طالبان» اسم الملا منصور أختر الذي تولى قيادة الحركة ميدانياً وهو يمثل جناح «الصقور» الرافض للحوار مع الحكومة الأفغانية، وتمكن من مغادرة الأراضي الباكستانية قبل فترة وجيزة بعد تعهد إسلام آباد لكابول بإحضار وفد من «طالبان» للحوار. وأصدر أختر أوامر لكل قيادات «طالبان» بالخروج من الأراضي الباكستانية خشية وقوعها تحت تأثير الاستخبارات الباكستانية ودفعها إلى القبول بتسوية مع كابول.