أحدثت رواية «المهدي» للكاتب الراحل عبدالحكيم قاسم حينما صدرت في طبعتها الأولى عام 1977 صدمة إيجابية بين القرّاء العرب. فهي رواية أقرب إلى القصة الطويلة، تتحدث عن مسيحي فقير تجبره جماعة الإخوان المسلمين على الدخول في الإسلام، لكنه يلفظ أنفاسه الأخيرة وسط حشد من أهل قرية تابعة لمحافظة الغربية جاؤوا ليشهدوا إعلان دخوله في الإسلام. وعلى ضوء ما يحدث اليوم في مصر والدول العربية من تصاعد للحركات المتشددة والأفكار المتطرفة والأفعال المشينة باسم الدين والعقيدة، تعود رواية «المهدي» بطبعة خاصة ضمن سلاسل «مكتبة الأسرة» التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، مع مقدمة كتبها جابر عصفور، يقول فيها: إنّ عبدالحكيم قاسم فرغ من كتابة هذه الرواية القصيرة في 24 أيلول (سبتمبر) 1977 في برلين الغربية التي أقام بها مدة طويلة، ونشرت للمرة الأولى مع رواية قصيرة أخرى عنوانها «خبر من طرف الآخرة»، في كتاب واحد صدر عن دار «التنوير» في بيروت سنة 1982، وأعيد طبعها في كتاب «الهجرة إلى غير المألوف»، وهو مجموعة قصصية صدرت عن دار «الفكر للدراسات والنشر والتوزيع» في القاهرة عام 1986. ويشير جابر عصفور في دراسته المطولة عن الرواية إلى أنها تبرز قبح نتائج التعصب في مواجهة احتمالات التسامح، وذلك من خلال النهاية الفاجعة للأمثولة المضفورة بمتناصات دينية لافتة، ومن ثم تلفتنا إلى سعيها لاستعادة لوازم الإسلام السمح الذي يدعو إلى المجادلة بالتي هي أحسن. صدرت الرواية الأولى لعبدالحكيم قاسم، المولود في 1935، بعنوان «أيام الإنسان السبعة» عام 1969 عن دار الكتاب العربي، وترجمت إلى الإنكليزية في عام 1989، ونشرت أولى قصصه «الصندوق» في مجلة الآداب البيروتية عام 1965، ثم تتابع النشر بعد ذلك في مجلة «المجلة» القاهرية التي كان يشرف عليها الأديب يحيى حقي في منتصف الستينات، وصدرت له رواية «محاولة للخروج» في عام 1978، و«قدر الغرف المقبضة» (1982)، ومجموعة قصصية «الأشواق والأسى»، التي ضمت تسع قصص في عام 1984. وصدر له بعد رحيله في العام 1991 كتاب «الديوان الأخير» عن «دار شرقيات» الذي ضم 17 قصة قصيرة، وفصولاً من روايته التي لم تكتمل «كفر سيدي سليم».