أثار قرار الفنانة الأميركية دانيا يوسف الغناء باللهجة الخليجية استغراب البعض، ولكن المتابع للساحة الفنية بات يلمس وبشكل واضح التوجه الكبير من الفنانين العرب للهجة الخليجية خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، وهو ما فتح باب التفسيرات أمام النقاد والمتابعين، فبينما يرجع البعض ذلك التوجّه إلى ضخامة السوق الخليجي وقوة مبيعاته، خصوصاً وأن المستمع الخليجي ميّال إلى اقتناء الجديد من الألبومات التي تتوافق مع لهجته، يرجع آخرون ذلك إلى السيطرة التي تتمتّع بها معظم شركات الإنتاج على الساحة الفنيّة كونها خليجية التأسيس والإدارة، في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن وفرة النصوص الشعرية الخليجية والألحان قياساً بعدد الفنانين والفنانات الخليجين الذي يُعد قليلاً نسبياً مقارنة بالفنانين العرب كان نقطة تميز مهمة لعبت لمصلحة اللون الخليجي وجعلته هدفاً لعدد من الفنانين العرب. ويظهر اتفاق الكثير من فناني العالم العربي على اللون الخليجي، على رغم اختلاف لهجاتهم وجنسياتهم، فالإقبال على هذا اللون لم يقتصر على منطقة معينة، إذ ينطلق من بلاد الشام مروراً بمصر ووصولاً إلى بلاد المغرب العربي، ولكن تلك التجارب لم تحقق النجاح نفسه، فالفنانة السورية أصالة نجحت في تقديم عدد من الأعمال الخليجية المهمة والتي تركت بصمة واضحة في تاريخ الأغنية الخليجية مثل «أسمع صدى صوتك» و«وأسلّي نفسي» و«ياخي اسأل» و«ويسعد صباحك» قبل أن تقرر إصدار أكثر من ألبوم خليجي كامل جاء بإنتاج مميز، إذ نجحت أغاني مثل «روح وروح» و«سواها قلبي» في تحقيق نجاح واسع، في حين أن أنغام تغنّت باللون الخليجي منذ بدايتها، بدليل إصدارها لأكثر من ألبوم خليجي منذ فترة تصل إلى العشرين عاماً، وكررت أغاني بصوتها لكبار الفنانين في مقدمتهم محمد عبده، ثم أتبعت ذلك بالأغنيات الفلكورية الخليجية التي تغنّت بها في الجلسات الفنية وفي حفلاتها، وتحتدم المنافسة في الغناء الخليجي بذكر الطرف النسائي الثالث - الأهم من وجهة نظر البعض - المتمثل في الراحلة ذكرى التي سيطرت الأغنية الخليجية على أعمالها وكان لها نصيب الأسد منها، ولعل أشهرها أغنية «الين اليوم» و«علمني الحب» و«أجي لك شوق» و«هذا أنت»، وعلى رغم أن نجاح الفنانة ديانا حداد لم يكن بنفس مستوى نجاح السابقات إلا أنها حاولت أن تسير على ذات الخطى، وتحديداً في الإمارات مع زوجها السابق المخرج والمنتج الإماراتي سهيل العبدول. ولعل الشهرة والربح المادي كانت أهم أسباب فناني الجيل الجديد لتقديم اللون الخليجي، وهو ما نجحوا في تحقيقه، ويتجلّى ذلك من خلال الشهرة الواسعة التي نالتها الفنانة يارا، إذ يرى الكثيرون أن أغنية (صدفة) كانت بوابة عبورها الحقيقية إلى منطقة الخليج والعالم العربي، إذ إنها لم تحقق الشهرة التي تعيشها هذه الأيام قبل هذه الأغنية، على رغم تقديمها لعدد من الأغاني باللهجة المصرية واللبنانية، الأمر الذي جعلها تواصل ذلك حتى أطلقت ألبوماً خليجياً خالصاً، ويبدو أن ذلك شجّع العديد لأخذ الطريق نفسه، فالفنانة نانسي عجرم أطلّت بأغنية «مشتاقة ليك» كما أعلنت عن نيتها طرح أغنية خليجية جديدة في ألبومها القادم، بينما عنونت فُلة ألبومها للعام الماضي بإحدى أغنيات الفنان محمد عبده وهي «يا مسافر للجفا»، وتجربة الفنان صابر الرباعي من خلال أغنية «آه يا يمّه»، وراغب علامة من خلال تقديمه لأغنية الفنان أبوبكر سالم «المكلا»، ولطيفة التي أقدمت على خطوة وُصفت ب«الجريئة» عند إصدارها لألبوم خليجي بالكامل من بين أغنياته «أتحدى» و«ياساهرين الليل»، والفنان خالد سليم الذي قدّم أخيراً تجربة جديدة من خلال أغنية (زعلان يا دنيا عليك). يُذكر أن غناء العرب باللهجة الخليجية ليس وليد السنوات الأخيرة فقط، إذ أطلق التجربة العندليب عبد الحليم حافظ في أغنية (يا هلي) خلال جلسة فنية احتضنتها دولة الكويت، إضافة إلى الفنانة وردة التي سبق لها أداء أغنية الراحل طلال مدّاح «مقادير»، والفنانة عزيزة جلال التي قدّمت أغنية «الأسمرانية».