1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    القمة العربية الطارئة بالقاهرة تبحث اليوم إعمار غزة دون تهجير    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    موعد مباراة الأهلي والريان في دوري أبطال آسيا للنخبة    تراجع أسعار الذهب إلى 2892.00 دولارًا للأوقية    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    ترامب يبحث ملف المساعدات.. وروسيا تشدد مواقفها.. مساع أوكرانية – أوروبية لإصلاح العلاقات مع أمريكا    تاسي: 339.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    وزير الدفاع يبحث مع نائب رئيس الوزراء السلوفاكي علاقات البلدين في المجال الدفاعي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. أتلتيكو مدريد لإنهاء عقدة الجار.. وأرسنال لتعويض خيبته المحلية    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    فيض من عطاء في بلد العطاء    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجدًا تاريخياً عمره 100 عام    منعطف إجباري    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية للمديرية العامة للسجون    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    الشلهوب يُرزق بشيخة    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    توصيل الإنترنت عبر الضوء    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    لهذا لن تكشف الحقائق الخفية    مغامرات جرينلاند    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    التسامح...    الدوري أهلاوي    التعليم السعودي يفتح خزائنه في سباق العشرين عالمياً    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سينما لفضح البلادة والفساد ... قبل كلمة النهاية
نشر في الحياة يوم 26 - 07 - 2015

كانت الحياة بالنسبة إليه أشبه بنكتة طريفة متواصلة، كان همّه الدائم أن يتذكر من ذا الذي رواها له للمرة الأولى. ولا شك في أنه حين أسلم الروح ليل الجمعة - السبت بعد معاناة قاسية مع مرض لم يخفف حسّ السخرية لديه، كان يشعر بأنه لم يعثر بعد على جواب... لكنّ كثراً سيعثرون على الجواب إن دقّقوا في أفلامه وقد اكتمل فنّه في ضوء رحيله المؤلم. وإذا كان من الطبيعي لمخرج سينمائي أن ينتقل خلال مراحل متتالية من حياته الفنية من أسلوب إلى آخر، فإن ما كان يميز المخرج الراحل رأفت الميهي تنقُّله الدائم، بين أسلوبين اتسم بهما، معاً، عمله السينمائي، كمخرج وقبل ذلك ككاتب للسيناريو. فعلى رغم قلة عدد الأفلام التي حقّقها خلال ثلث قرن، إلا أنه عرف دائماً كيف يوازن بدقة بين توجُّهين طبعاه، كان بالنسبة إلى الأول وريثاً شرعياً له، وبالنسبة إلى الثاني أحد كبار مؤسسيه في السينما المصرية. الأول، هو التوجُّه الواقعي الذي طغى على بعض أجمل أفلامه سواء كانت تراجيدية مثل «عيون لا تنام» و «للحب قصة أخيرة» أو هزلية مثل «الأفوكاتو». أما التوجُّه الثاني فكان توجُّهه الغرائبي الذي طغى على أفلام مثل «السادة الرجال» و «سيداتي آنساتي»، وبخاصة «سمك لبن تمر هندي»، ثم «قليل من الحب، كثير من العنف» الذي حققه قبل أن يعود إلى المزج بين «الواقعية» و «الفانتازية» في أفلام لاحقة له، أبرزها «ميت فل».
ومع هذا، لن نكون بعيدين من الصواب إن رأينا في الميهي واحداً من قلة نادرة من مخرجين عرب، أو مصريين، تمتّع عملهم بمثل هذه الوحدة. فسواء كان الأسلوب، في فيلم معين، واقعياً، فانتازياً، كانت هناك دائماً المشاكل والقضايا ذاتها التي حاول الميهي التطرُّق اليها، بمأسوية حيناً، بخفة دم حيناً آخر، وبنظرة ثاقبة في معظم الأحيان. وإذا كان لنا أن نبحث بين أفلامه عن فيلم يمكنه أن يلخّص مواضيعه وأساليبه، على تنوعها، فسنجد أمامنا «قليل من الحب، كثير من العنف» (1994) الذي قسّمه المخرج بالتساوي بين الواقعية والفانتازية وأقام فيه واحدة من أكثر التوليفات غرابة في السينما المصرية، وإن كان الفيلم مقتبساً من رواية لفتحي غانم مع أنه نادراً ما كان يلجأ إلى الاقتباس. مع أن الفيلم الأول الذي أخرجه الميهي في عنوان «عيون لا تنام» (1980)، مقتبس عن مسرحية ليوجين أونيل، بيد أن مقارنة بسيطة بين الفيلم المصري والمسرحية الأميركية تكفي لتقول لنا أن الميهي أدخل من التبديلات الجذرية في العمل ما جعل «عيون لا تنام» فيلماً ينتمي كلياً إلى البيئة المصرية، ذلك الانتماء الذي كان طبع سيناريواته قبل أن يتحول إلى الإخراج، ومنها: «غروب وشروق»، و «الحب الذي كان» و «على مَنْ نطلق الرصاص» لكمال الشيخ.
كان «الأفوكاتو» فيلمه الثاني كمخرج، وفيه انتقل من الواقعية المأسوية، إلى الواقعية الساخرة، وراح يبث في زوايا ذلك الفيلم إرهاصات أسلوبه الغرائبي المقبل في الوقت الذي واصل رصده للمجتمع ولفساده، ما أثار المحامين وأهل النظام واستبق الكثير من المعارك التي سيخوضها.
وحملت قفزته التالية اسم «السادة الرجال»، ثم «سمك لبن تمر هندي»، حيث يوصل الخيال هنا إلى أقصى ما تسمح به الإمكانات التقنية وصولاً إلى الاستخدام الأمثل لأسلوب الفانتازيا في فيلمين على الأقل من أفلامه الثلاثة التالية. ففي «سيداتي آنساتي»، حاول المخرج أن يمزج بين الأساليب، ليقدِّم فيلماً تمتزج فيه المرارة بالكوميديا، والسخرية الاجتماعية بالنقد الواعي لمجتمع يتحرك ولكن إلى وراء. أما في التالي «قليل من الحب، كثير من العنف» (1994) فقد أوصل لغته السينمائية إلى تألق استثنائي، وبدا متمكناً من فنه كما في تاليه «ميت فل»، حيث أوصل أسلوبه الفني إلى أقصى درجاته، بحيث كان يحق لنا حينذاك أن نتساءل عما ستكون عليه مرحلته المقبلة. والجواب أتى سلبياً خلال المرحلة التالية التي شهدت تحقيق الميهي عدداً من أفلام لم ترقَ إلى مستوى سابقاتها بينها «تفاحة»، «ست الستات»، وبخاصة «علشان ربنا يحبك». لكن «فشل» هذه الأفلام لم ييئسه، إذ كان الميهي حينذاك قرر أن يثبّت قدميه كمنتج وصاحب استديو (استأجر استديو جلال قصد أن يحوّله إمبراطورية سينمائية، فلم يتحوّل وهو بدلاً من ذلك أضعف من نسغه السينمائي)... بعد ذلك كان لا بد له أن يخلد إلى ما يشبه الصمت الذي عزّزه مرض طال أمده، حتى قضى عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.