تصاعدت المخاوف في باكستان من تنامي قوة حركة «طالبان» المحلية والجماعات المتطرفة، بعد إعلان وزير الداخلية رحمن مالك دخول 10 آلاف مسلح أجنبي من أفغانستان الى مناطق القبائل (شمال غرب)، ونجاح مقاتلي إقليم وادي سوات في بسط سيطرتهم على منطقة بونير التي تبعد 110 كيلومترات فقط من العاصمة إسلام آباد، وإنشائهم محاكم شرعية فيها. وكشف مسؤولون في بونير ان مئات من مسلحي سوات استولوا على المنطقة، بعدما احتلوا مكاتب عدد من المنظمات غير الحكومية فيها وصادروا سيارات تابعة لموظفيها، ثم أقاموا حواجز ونقاط تفتيش، ما أثار ذعراً لدى السكان الذين فر عدد منهم. لكن قادة المسلحين أكدوا ان مقاتليهم جاؤوا إلى بونير بعدما طالبهم وجهاء في المنطقة بالتدخل لتطبيق أحكام الشريعة وإرساء عدالة سريعة بين المواطنين، مشددين على ان مقاتليهم لم يتعرضوا لرجال الشرطة أو موظفي المقرات الرسمية في المنطقة. ونفى مسلم خان، الناطق باسم الملا فضل الله قائد المسلحين في سوات، نية المقاتلين تحدي سيطرة الحكومة وسلطتها في بونير، وأنهم يسعون الى تهجير سكانها أو الاعتداء على ممتلكاتهم. وفيما عارضت أحزاب هذه التحركات خصوصاً بسبب نكثها ببنود اتفاق السلام في سوات، وأهمها إلقاء السلاح ووقف التدخل في الشؤون الخاصة للسكان، نقلت وسائل إعلام عن قرويين في بونير قولهم إن «مقاتلين أفغاناً من القومية الطاجيكية استولوا على المنطقة». ونفوا انتشار أي من عناصر «طالبان باكستان» فيها، ما يمكن ان يشير الى توجه رسمي لإيجاد مبررات تحظى بتأييد شعبي، وتمهد لعملية واسعة من اجل بسط سيطرة الدولة على المنطقة ومنع تمدد «طالبان». وكان مسلم خان عزا عدم تسليم مقاتلي سوات أسلحتهم الى موقف الشريعة الإسلامية من تسليم السلاح، وهو ما رفضه وزير الإعلام في حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي افتخاري حسين «خصوصاً بعدما أوفت إسلام آباد والحكومة الإقليمية بكل بنود اتفاق السلام في سوات، ما يحتم تنفيذ المقاتلين التزاماتهم بموجب الاتفاق، وعدم إثارة الذعر لدى سكان بونير». وشهدت بيشاور عاصمة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي حال استنفار أمني ، بعد رصد عناصر أجنبية داخل الحرم الجامعي جرت ملاحقتها، في ظل مخاوف من سعيها الى إثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار في باكستان. في غضون ذلك، اتهم وزير الداخلية رحمن مالك الحكومة الأفغانية بعدم التجاوب مع المطالب المتكررة لحكومته بمنع استخدام الأراضي الأفغانية منطلقاً لعمليات إرهابية في باكستان. وأشار إلى ان إسلام آباد أبلغت الرئيس الأفغاني حميد كارزاي مرات ضرورة وقف نشاط الاستخبارات الهندية في عدد من القنصليات الهندية قرب الحدود الأفغانية - الباكستانية، علماً ان مصادر أمنية باكستانية أعلنت امتلاكها معلومات عن تدريب أفراد من طائفة البلوش في معسكرات أدارها هنود في ولايتي نيمروز وفرح غرب أفغانستان، وأن براهام داغ بوغتي، حفيد الزعيم البلوشي الراحل نواب أكبر بوغتي، يشرف على المعسكرات بدعم من الاستخبارات الهندية التي تتواصل معه في مقر إقامته في كابول. وكان «جيش تحرير بلوشستان» الانفصالي المحظور في باكستان، دعا إلى إخراج كل القوميات غير البلوشية من الإقليم بحجة «نهبها لثرواته وحرمانها سكانه من موارده». وقالت مصادر في بلوشستان ل «الحياة» إن النبرة الجديدة ل «جيش تحرير بلوشستان» وباقي الجماعات القومية في الإقليم اختلفت بعد اغتيال ثلاثة من زعماء البلوش قرب كويتا قبل أسبوعين، وأن المطالب باتت الاستقلال الكامل عن باكستان وليس توسيع صلاحيات الحكم الذاتي.