أطلق المغرب برنامج بناء 300 ألف مسكن اجتماعي للفقراء ومحدودي الدخل، للتغلب على العجز المسجل في الشقق، والمقدر بنحو مليون وحدة، خصوصاً في ضواحي المدن الكبرى حيث تنتشر أحزمة البؤس. وأوضح وزير الإسكان والتنمية الجمالية أحمد توفيق حجيرة، ان البرنامج الذي يستمر حتى عام 2020، يهدف إلى «القضاء على أزمة السكن عبر تكثيف عروض الإسكان وتنويعها، والتحكم في أسعار مساكن الفئات الفقيرة، ومكافحة مدن الصفيح، وتطوير قطاع البناء والبيئة والالتزام بالمعايير الدولية في التشييد ومقاومة الزلازل». وتُقدر تكلفة البرنامج بنحو 60 بليون درهم (7.5 بليون دولار، وتنفذه شركات للتطوير العقاري محلية وأجنبية من القطاعين العام والخاص، وبسعر يقل عن 290 ألف درهم للشقة الواحدة (36 ألف دولار)، على أن تسدد الدولة الضريبة على القيمة المضافة في حدود 40 ألف درهم للأسر التي تشتري بيتاً للمرة الأولى. وأعفت الحكومة في قانون موازنة 2010 الشركات العقارية المنفذة للمشروع، من الرسوم ونفقات التسجيل والضريبة على الدخل والأرباح، لتشجيعها على بناء هذه الشقق التي تتراوح مساحتها بين 50 و100 متر مربع بحسب المناطق والمواقع. وكانت «فيديرالية المطورين العقاريين» هددت في وقت سابق بالتخلي عن بناء الشقق الاجتماعية، بسبب ما وصفته قلة الأرباح وزيادة الأخطار، وقررت التوجه نحو بناء العقار الفاخر والمتوسط، الذي يحقق مردوداً مرتفعاً بفعل الطلب الداخلي والخارجي (المغتربون والسياح الأجانب). واستجابت الحكومة لتلك المطالب عبر رفع قيمة العقار الاجتماعي من 200 إلى 290 ألف درهم ابتداء من مطلع السنة، في محاولة لجذب القطاع الخاص إلى مشروع السكن الاجتماعي، الذي يعاني فيه المغرب نقصاً واضحاً يدفع الأسر الفقيرة إلى السكن في أكواخ غير لائقة، وهو ما تحاربه الحكومة بدعم من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. وعلى رغم أن وتيرة البناء ارتفعت في السنوات الأخيرة بمعدل 125 ألف شقة سنوياً، إلا أن الطلب يفوق المعروض منها، ما رف أسعار العقارات إلى أرقام خيالية، ودفع الملاكين إلى تسديد فروق الأسعار إلى السماسرة من دون تسجيل قيمتها في عقود التملك، وهي حال كانت من أسباب انخفاض أسهم شركات العقار في بورصة الدارالبيضاء التي تراجعت خمسة في المئة. وتأمل الحكومة أنها بزيادة عروض الشقق الاقتصادية ستعمل على خفض أسعار العقار في المدن الكبرى مثل الدارالبيضاء والرباط ومراكش وطنجة وأغادير، حيث وصل سعر المتر المربع إلى 3 آلاف دولار في الأحياء الراقية. وتعترف الحكومة بوجود جماعات ضاغطة (لوبيات) ومضاربين عقاريين يؤثرون في الأسعار ويدفعونها إلى الارتفاع، مستغلين حاجة مئات آلاف الأسر إلى السكن المتواضع، إذ يزيد عدد الأسر سنوياً نحو130 ألف أسرة، معظمها محدود الدخل. وساعدت الأزمة الاقتصادية العالمية في استقرار أسعار العقارات وانخفاض قيمة الفيلات الراقية، كما ساهم تشديد منح القروض المصرفية للشركات المطورة في انخفاض الأسعار، من دون أن تكون بالضرورة في متناول كل الفئات بسبب غلاء قيمة الأرض، وارتفاع أسعار الفائدة التي تجاوزت ستة في المئة منذ مطلع السنة. وتعاقدت الحكومة نهاية العام الماضي مع مصارف تجارية لضمان قروض إلى الطبقات المتوسطة بحدود مئة ألف دولار (800 ألف درهم)، لمساعدتها على امتلاك مساكن في برامجها الجديدة التي تشمل بناء فيلات اقتصادية في المدن الجديدة الجاري بناؤها في ضواحي التجمعات السكانية. وتبني الحكومة شققاً للفئات الأكثر فقراً بقيمة 140 ألف درهم للتغلب على الهجرة القروية والقضاء على الأكواخ والأحياء الهامشية. ويساهم قطاع العقارات والبناء والأشغال العامة بأكثر من 12 في المئة من الناتج المحلي، ويساعد في تحقيق نمو سنوي بمتوسط خمسة في المئة، وظهور طبقة جديدة اجتماعية جديدة يملك بعضها اكثر من بيت أو شقة في أكثر من مدينة، وهي من الأسباب غير المباشرة لارتفاع الأسعار.