المطلب الرابع: الاعتراضات التي يوردها مبيحو القات والإجابة عليها المقصد الأول: أبرز اعتراضات المبيحين على المحرمين للقات إن العلماء الذين ذهبوا إلى تحريم القات ، ليسوا على قول واحد في علة التحريم ، فمنهم من حرَّمه على أنه مسكر فألحقه بالمسكرات!. ومنهم من عدّه مخدراً فألحقه بالمخدرات ، بل بعضهم عدّه أشد ضرراً من الحشيشة والأفيون!! ( ). والبعض الآخر رأى أنه يسبب الإدمان.. والأكثرون حرموه لأضراره المحضة ، أو الراجحة.. وهنا أذكر بعض الاعتراضات التي يمكن أن يُعترض بها عليهم. فمنها: - أن القات ليس مسكراً فلا يلحق بالمسكرات. - أن القات ليس مخدراً ؛ وإنما هو منبه ومنشط ومنعش.. وإن كان فيه شيء من التفتير فهو قليل لا يصل إلى درجة التخدير ، والأعراض التي تظهر على متعاطي القات تختلف عما يظهر على متعاطي المخدرات ، فالمخدرات منهكات للعقل والحس والإدراك ، كما أنها منومات ومفترات للبدن ، ومرخيات للأعصاب.. فكيف يساوى القات بها ، أو يقاس عليها مع ما بينهما من الفارق والاختلاف؟!. - أما الإدمان ، فإن القات لا يسبب الادمان بالمعنى المعروف ، وإنما يسبب لمتعاطيه نوعاً من الرغبة والتعود ، ولكنه يستطيع التغلب على ذلك إذا قويت عزيمته ، أو لم يجد القات لأي سبب كان ، دون أن تظهر عليه أعراض الإدمان التي تظهر على متعاطي أي نوع من أنواع المخدرات الأخرى. - أما الأضرار.. فيقال: إنها غير مطردة في متعاطي القات ، فقد يتضرر أشخاص ، وأشخاص آخرون لا يتضررون بأكل القات. أو ربما كان بعض أنواع القات له أضرار ، والبعض الآخر ليس في تعاطيه أي ضرر. أو ربما كان الضرر بسبب الإكثار والادمان على تعاطي القات بشكل شبه يومي ، وبكميات كبيرة. هذه أهم وأبرز اعتراضات المبيحين على الذين حرموا القات – فيما أعلم - وفي المقصد التالي سيحاول البحث إماطة اللثام عن حقيقة ما توصل له عن طريق البحث والتأمل في الموضوع مثار النقاش والخلاف. المقصد الثاني : الإجابة على اعتراضات المبيحين لتعاطي القات قد سبقت الإشارة إلى أن المبيحين اعترضوا على المحرمين بأن القات ليس مسكراً ، ولا مخدراً ، بل ولا مفتراً.. وأنه لا يسبب الإدمان.. وأن الأضرار التي تنسب إليه غير مطردة في كل من يتعاطاه.. وقالوا بلسان حالهم : كيف يلحق بالمسكرات وليس مسكراً ؟! ، أو المخدرات وليس مخدراً ، أو بمسببات الإدمان وهو ليس كذلك..؟! ، وكيف ينسب للقات أضرار محضة أو راجحة دون أن نراها تتحقق في كل من يأكله؟!. وللإجابة على هذه الاعتراضات أقول مستعيناً بالله تعالى: أولاً: القول بأن القات ليس مسكراً.. هذا القول صحيح في الغالب الأعم.. ، ولكن : القات أنواع كثيرة ، وقد أكد بعض العلماء الذين عرفوا القات أنه يوجد في القات نوع يُسكر ، بمعنى يخل بالعقل ولو لفترة محدودة.. وممن قال بذلك: العلامة العراقي إبراهيم بن عبد الرحمن الكركي المتوفى سنة 922ه . العلامة حمزة بن عبد الله الناشري من علماء اليمن المتوفى سنة 926ه . العلامة يحيى شرف الدين بن شمس الدين ممن أئمة اليمن والمتوفى سنة 965ه . والقاضي العلامة علي بن عبد الله الإرياني من علماء اليمن والمتوفى سنة 1323ه. والقاضي العلامة علي بن يحيى الإرياني من علماء اليمن والمتوفى سنة 1358ه. والشيخ أحمد بن محمد البحر المنصوري من علماء اليمن وهو معاصر الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي. والشيخ عائض بن علي مسمار من علماء اليمن. والشيخ حافظ بن أحمد الحكمي من علماء منطقة جازان ، والمتوفى سنة 1377ه. والشيخ أحمد بن يحيى النجمي من علماء منطقة جازان. والشيخ علي بن موسى بن علي الحكمي من علماء منطقة جازان.. وغيرهم. كما أن بعض آكلي القات قد شهدوا أنه يقع السُّكْرُ بتعاطيه أحياناً. وأمام شهادة هؤلاء الثقات لم يبق لمنصف إلا أن يقر بأن في القات نوعاً يغير العقل ، وإن كنا لا ندري أين يوجد هذا النوع ، وما هي أسباب إسكاره لمن يتعاطاه. ولكن من الإنصاف أيضاً ألا نقول: إن كل القات يغير العقل أو يُسكر متعاطيه. كما أن إلحاق القات بالمسكرات قول غير قوي ، بل ربما غير صحيح ؛ لأن النوع المسكر منه نادر ، والنادر لا حكم له. وللحديث بقية..