تاسعاً: الشيخ يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد المتوفى سنة 1099ه: وقد ذهب إلى إباحة تناول القات وألّف رسالة سمّاها: ( المستخرجات البينات على تحليل الأشياء المستعملات من القهوة والقات) فقال: (( اعلم أيها المسترشد أن التحليل والتحريم ليس إلى أحد من الخلق ، وإنما هما مردودان إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فما حرما علينا حرمناه، وما سكتا عنه سكتنا عنه وما أحلا أحللناه ، والتحليل والتحريم من غير دليل يستند إليه أمر خطير...)). وقد ذكر أن روايات الناس عن تأثير القات متباينة. ولذلك فقد قال: (( إنه لا يحرم من القات إلا النوع الذي يؤدي إلى التَّغَيُّر أو التخدير ، أو الضرر... إلى أن يقول: (( فمع هذا بأي وجه يقال إنه محرم ، والأدلة إنما دلت على تحريم المسكر وما فيه ضرر من السمومات لا غير ذلك من الأشجار التي لا ضرر فيها فإنها مباحة ؛ لأن أصل الشجر الإباحة بالإجماع ، لا يحرم منه شيء إلا ما هو مسكر أو ضار ، وقد بين الأطباء في كتب المفردات ما فيه ضرر وما هو مسكر... أما الضرر اليسير مع اختلاف الطبائع فلا يقتضي التحريم أصلاً...)) (1). عاشراً : الشيخ إبراهيم بن جعمان : (( ذهب إلى إباحة تعاطي القات إلا أنه ينبغي ألا يتعاطاه العدل بين السُّوقة والسفلة))(2). حادي عشر: العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182ه: هذا الإمام العلامة نُسِبَ له أنه قال عن القات: (( أما القات فقد أكلتُ منه أنواعاً مختلفة وأكثرتُ منها فلم أجد لذلك أثراً في تفتير ولا تخدير ولا تغيير (3). ولما رجع الباحث إلى المصدر الأصلي الذي أورد هذا القول وجد أن هذا القول هو قول العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمهما الله تعالى في رسالته التي هي بعنوان: ( البحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتر) ، وليس قول العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني. ثاني عشر: الإمام المهدي عبد الله العباس عاش في حدود القرن الثاني عشر الهجري: (( وقد منع القات وأتلف مغارسه ، ونادى في مدينة صنعاء بالتحريج على مستعمليه، ولكن قيل إن أحد شيوخ العلم أكد له أنه يستعين بالقات على التأليف في العلوم المختلفة! ، فتراجع عن قراره ونادى في الناس بإباحة غرس القات واستعماله )) (4). ثالث عشر: الشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250ه: قال هذا العلامة – رحمه الله تعالى- : (( وأما القات فقد أكلت منه أنواعاً مختلفة وأكثرتُ منها فلم أجد لذلك أثراً في تفتير ولا تخدير ولا تغيير...)) إلى أن يقول: (( وبالجملة إذا كان بعض أنواعه تبلغ إلى حدِّ السّكر أو التفتير من الأنواع التي لا نعرفها توجّه الحكم بتحريم ذلك النوع بخصوصه ، وهكذا إذا كان يضر بعض الطباع من دون إسكار وتفتير حَرُمَ لإضراره ، وإلا فالأصل الحل كما يدل على ذلك عمومات القرآن والسنّة...)) (5). رابع عشر: الشيخ عبد الله بن علي العمودي الصديقي: وقد ألف رسالة قرر فيها إباحة القات ، وسمّاها: ( تنبيه ذوي الأفهام بأن الأصل في الأشجار الإباحة وليست من قسيم الحرام ) . وقد فرغ من تأليفها في الثامن عشر من صفر سنة 1370ه. ومما قال في تلك الرسالة: (( أما شجرة القات المعلومة فما عُلِمَ منها الإضرار بالعقول والأبدان ، مع كرور الأعصار والأزمان ، مع كثرة من يستعملها من العامة والأنظار))(6). خامس عشر: الشيخان: يحيى بن محمد المهدي ، وبدر الدين بن أمير الدين الضحياني من علماء اليمن ، وقد ردّ الأول على قصيدة الشيخ حافظ الحكمي: (نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان ) التي حرّم فيها تلك العادات السيئة. فكان مما قال الشيخ المهدي في اعتراضه على الشيخ حافظ: أنى لك اليوم ذا التحريم جئت به ؟ لقد أسأت بقبح الاعتراضات إن المعدات في المحظور قد حصرت في الذكر والنهي عن خير البريات إلى أن يقول: يا حبذا القات ما أحلى مجالسه بالذكر شيدتْ وحفت بالعباداتِ نعم الأنيس لمن كان الجليس له أسفار علم وكشف للمهماتِ كأنما أودع الرحمن جوهره سرّ معين على نيل المراماتِ قد قال أسلافك الغر الكرام من الأخيار فيه ومن عرب وساداتِ هو الحلال لشاريه وبائعه والمستطاب لدى أكل ولذّاتِ هو المعين على الأعمال أجمعها هو المعين على كل العباداتِ هذا وكم فيه من نفع لآكله ومن شحذ فكر ونفي للهموماتِ (7) وأما بدر الدين الضحياني فقد أيّد المهدي وانتقد الشيخ حافظ الحكمي والشيخ أحمد بن محمد البحر المنصوري من علماء اليمن والذي كان قد أيَّد الشيخ حافظ الحكمي في تحريم القات والتبغ والدخان ، فقال بدر الدين الضحياني: هذا وقد جاء نظم فيه مسألة في البردقان وشرب التتن والقات فقال قائله في القات إن به سكراً وضرّاً وتضييع العباداتِ وأكثر القول في هذا وأكدره كأنه أصل مفروض الدياناتِ من أجل مسألة ظنية طفقوا يلقون في السب أقوالاً ردياتِ وأعجب لمن قال لا ترأف بآكله واجلده جلد السكارى من خموراتِ أليس يسمع مشهور الرواية في درئ الحدود على الوالي بشبهاتِ هذا وإن لنا بالقات مخبرة عن رأي عين فدع فيه الرواياتِ وقولكم فيه بالإسكار سفسطة لأنه رد معلوم الضروراتِ أما الشهود إذا صحت شهادتهم عنهم ولم يكُ راويها ببهَّاتِ ولم يكونوا من الأعداء يجرمهم شنآن قوم على زور الشهاداتِ ثم يقول بعد أن عدد شروط شهادة الشهود: فإن حووها رأينا أنهم غلطوا والمرء يغلط أحياناً ومراتِ لعلهم وجدوا سكراً بآكله وما دروا أنه سكر المداماتِ ظنّوه يشرب ماءً حسب عادته إذ يأكل القات وهو الخمر بالذاتِ أو أن ذلك صنف منه منتزح عن الزيود بأقطار سحيقاتِ إن كان ذلك فذاك الضرب ممتنع لا نرتضيه لأخبار قويات وليس يلزمنا تحريم سائره أنى ومن أين يا أهل الدراياتِ؟ (8) سادس عشر: القاضي يحيى لطف الفسيل: وهو من المبيحين للقات ، وفي جمادى الآخرة سنة 1406ه الموافق 1986م قام بتأليف رسالة بعنوان: ( دحض الشبهات حول القات) ردَّ فيها على قرار العلماء الذين اجتمعوا في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المخدرات والمسكرات والذي انعقد في المدينةالمنورة بدعوة من الجامعة الإسلامية ما بين 27- 30/5/ 1402ه الموافق 1982م ، والذي شارك فيه ممثلون من سبع عشرة دولة إسلامية ، وقد قرر المؤتمرون في ذلك المؤتمر: أن القات من المخدرات المحرمة شرعاً. ومما قال في رسالته: (( وبعد فإن القات في اليمن في عموم الشعب متفق على حله بلا نزاع ولا خلاف ولا شقاق في ذلك عند العلماء وأعيان الشعب ، وقادته وتجاره وزراعه ، وموظفيه وكل طبقات الشعب يأكلونه منذ مئات السنين ، بلا تحرج ولا تأثم ولا شك لديهم في حلّه...)). إلى أن يقول: (( فبعد هذا هل يُعقل أن يقول عاقل: إن في القات سكراً ، وأنه مسكر؟!، وهل في القات ما في المخدرات ،كالحشيش والقنب التي تغير الإدراك وتغطي العقل؟، وتجعل متعاطيها كالمجنون مسلوب العقل ، فاقد الحس والإدراك ، ففي اليمن لو أن شخصاً يقول: إن في القات ذلك لعدّه الناس مجنوناً أو مفترياً ، وسيقول له مؤمنو اليمن ما قدر رأينا سكراناً من القات ؛ لأن القات لا يفعل ما يفعله الحشيش والمخدرات، فالقات منعش للروح والنفس والعقل ، والمخدرات منهكات للعقل والحس والإدراك ، والقات منبه مثل الشاي والقهوة ، والمخدرات منومات ومفترات للبدن ومرخيات للأعصاب...)). إلى أن يقول: (( فعلماء اليمن ما بين آكل له ، ومن قد نص على حلّه كالإمام الشوكاني والإمام المحدث المحقق السياغي في الروض النضير ، وما بين مقر له ساكت لم ينقل عنه فيه خلاف، وأما من أدركنا من العلماء والأجلاء والمحدثين الحفاظ، والفقهاء الكبار أهل الورع والتقوى ، فقد أدركناهم يأكلونه ، ومن لم يأكله لم ينكر عليه (9)...)). إلى أن يقول: (( علماء اليمن يقولون لا يوجد في القات ما يُبَررُ تحريمه به من الإسكار أو التخدير، فهذا معلوم قطعاً في اليمن القطر الإسلامي الذي يخاف الله ، ويتناوله علماء وفقهاء ودعاة ومفكرون ، وهم موحدون يؤدون فرائض الإسلام ويجتنبون محارمه ، ولو كان في القات ما يتقى من الإسكار والتخدير ما قاربوه ولا سكتوا عنه ، ولما أكلوه ، ولا أكلوا ثمنه ، ولا يسخر قوم من قوم... وما يمنع المحرمين للقات أن يبحثوا عن حقيقته ، وهل في القات ما في الخمر ؟ ، وهل في القات ما في الحشيش والقنب من التأثير على زوال العقل والإدراك ؟ ، وهل آكل القات لا يعلم ما يقول ؟ ، وهم متمكنون على معرفة الحقيقة فيه في اليمن ومشاهدتهم له ولآكليه. أما الاستناد إلى كلام واهمين أو جاهلين أو مخطئين في وصفه ، وهم بعيدون عن الوصف الحقيقي للقات فهذا مما لا ينبغي لمؤمن متقٍ لله ، يخاف الله ويرجوه أن يصدر أحكاماً أو فتاوى يضلل بها إخوانه المؤمنين ، ويسخر بشعور شعب مسلم فيصدر عليهم بأنهم معتدون عصاة بتناولهم ما قد أفتى بتحريمه ، مع أنه لو بحث وتواضع وجور(10 ) أن تحريمه قد يمكن أن يكون خطأً... (11). ------------------------------------------------------------------------------------ (1) موقف الفقهاء من القات ، 27-28 . (2) المرجع السابق ، 29 . (3) موقف الفقهاء من القات ، 29. وقد ذكر أنه نقل هذا الرأي لابن الأمير الصنعاني عن كتاب : القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي . (4) ينظر: تنبيه ذوي الأفهام بأن الأصل في الأشجار الإباحة وليست من قسيم الحرام ، عبد الله بن علي العمودي الصديقي ضمن كتاب: القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي 147- 148. وموقف الفقهاء من القات، 29. (5) القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي ، 117. وموقف الفقهاء من القات ، 30. (6) ينظر : تنبيه ذوي الأفهام بأن الأصل في الأشجار الإباحة وليست من قسيم الحرام ، عبد الله بن علي العمودي الصديقي ضمن كتاب: القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي ، 137. (7) الحوار المبين عن أضرار التدخين والتخزين ، 67-69 . (8) الحوار المبين عن أضرار التدخين والتخوين ، 84- 87 . (9) هكذا ، وأعتقد أن ميم الجمع سقطت طباعةً ، وأن مقصود المؤلف هو: ( ومن لم يأكله لم يُنكِر عليهم ) . (10) كذا ، ولعل المقصود : وتواضع وجَوَّزَ أن تحريمه قد يمكن أن يكون خطأً . والله أعلم . (11) دحض الشبهات حول القات ، يحيى لطف الفسيل ، ضمن كتاب: القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي، 153- 158 . وينظر : موقف الفقهاء من القات ، 32- 34 . ------------------------------------------------------------------------------------