المطلب الثاني: أقوال العلماء في حكم القات لقد اختلف العلماء في الحكم على القات منذ تمَّ اكتشافه وأصبح ظاهرة معروفة ، وأقبل الناس على تعاطيه في أواخر القرن التاسع الهجري ، وقد كان من أعوص المشكلات الفقهية التي واجهت الفقهاء في ذلك الوقت ، وكان سبباً في وجود نقاش علمي حاد جرى بين الفقهاء . وقد اشتد النقاش خلال القرن العاشر الهجري بين العلماء في اليمن خاصة ، وذلك لانتشار القات خلال تلك المدة واستفحال أمره ، فظهرت الفتاوى ، والرسائل عن حكم القات( )، واستمرت فتاوى العلماء ورسائلهم في شأن القات.. ولقد احتدم النقاش واشتدت حدّته مرة أخرى ، وذلك في أوائل هذا القرن (الخامس عشر الهجري) ، الموافق للقرن العشرين الميلادي بين علماء اليمن وغيرهم من علماء العالم الإسلامي ، وذلك بعد الفتوى التي أصدرها العلماء الذين اجتمعوا في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات ، والذي انعقد في المدينةالمنورة بدعوة من الجامعة الإسلامية ما بين 27 إلى 30 من شهر جمادى الأولى لعام 1402ه الموافق لشهر مارس من عام 1982م ، والذي شارك فيه ممثلون من سبع عشرة دولة إسلامية ، وقد قرر المؤتمرون في ذلك المؤتمر: (( أن القات من المخدرات المحرمة شرعاً...)) . فثارت ثائرة بعض علماء اليمن واعتبروا أن ذلك يدينهم ويدين الشعب اليمني بأكمله، بأنهم يتعاطون المسكرات والمخدرات المحرمة شرعاً ، فبادروا بعقد اجتماع ضمَّ اثنا عشر عالماً من أعضاء مجلس القضاء الأعلى ، والمحكمة العليا للنقض والإقرار ، ومفتي الجمهورية ورئيس المعاهد العلمية ، وأصدروا فتوى يغلب على عباراتها قدر كبير من التشدد ، وقد أخذوا جزئية بسيطة تتعلق بأثر القات أثناء التعاطي وأنه حسب خبرتهم وتجربتهم لا تأثير له على عقل المخزن ؛ لأنه لا يسكره ، ولا يخدّره ، أو يفتّره... وبهذه النظرة القاصرة والمحصورة قالوا : (( إن القات حلال حلال حلال!!! )) . وعند التأمل في أقوال العلماء في قضية أكل القات يجد الباحث أنها لا تخرج عن ثلاثة آراء: الرأي الأول: يرى الإباحة . والرأي الثاني: يرى أن القات من المشتبهات فيعدّه مكروهاً ، ويكاد يحرّمه إلا أنه لا يجرؤ زهداً وخوفاً من الزلة في تحريم مالم يحرمه الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. الرأي الثالث: يرى حرمة أكل القات مطلقاً . وفيما يلي بيان ذلك بحول الله عز وجل وعونه وتوفيقه. المقصد الأول: العلماء الذين ذهبوا إلى إباحة أكل القات مما يؤسف له أن كثيراً من الفقهاء حصروا نظرتهم للقات في أثره المباشر على متعاطيه من حيث الإسكار ، أو التخدير ، أو التفتير ، فجعلوا ذلك هو: علة الحكم عليه ، دون أن ينظروا إلى ما يترتب على تعاطيه من أضرار لا حصر لها من نواح عدة. وهذه النظرة هي التي جعلت كثيرين منهم يفتون بإباحة أكل القات مع بعض الأسباب الأخرى ، وهنا أذكر أسماء الذين ذهبوا إلى إباحة أكل القات ممن اطلعتُ على أقوالهم ، أو نُسب إليهم ذلك ، وهم: 1. الشيخ الصوفي عمر بن علي الشاذلي المتوفى سنة 821ه . 2. الشيخ محمد بن سعيد بن كبن الطبري المتوفى سنة 842ه . 3. الشيخ أحمد بن عمر المزجد المرادي السيفي المتوفى سنة 931ه . 4. الشيخ الصوفي عبد الهادي السودي المتوفى 932ه ( ). 5. الشيخ أحمد بن الطيب الطبنداوي المتوفى سنة 948ه . 6. الشيخ عبد الرحمن بن زياد المقصري المتوفى سنة 970ه. 7. الشيخ عبد الله بن يحيى شرف الدين المتوفى سنة 973ه . 8. الشيخ علي بن يحيى شرف الدين المتوفى 978ه . 9. الشيخ الحسن بن أحمد الجلاّل المتوفى سنة 1084ه . 10. الشيخ يحيى بن الحسين بن قاسم بن محمد المتوفى سنة 1099ه . 11. الشيخ إبراهيم بن جعمان عاش في زبيد قبل عصر محمد بن إسماعيل الأمير. 12. العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182ه ( ). 13. الإمام المهدي عبد الله العباس عاش في حدود القرن الثاني عشر الهجري . 14. الشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250ه. 15. الشيخ الحسين بن أحمد السياغي . 16. الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي . 17. الشيخ عبد الله بن علي العمودي الصديقي معاصر الشيخ حافظ الحكمي. 18. الشيخ يحيى بن محمد المهدي من علماء اليمن معاصر الشيخ حافظ الحكمي. 19. الشيخ بدر الدين بن أمير الدين الضحياني معاصر الشيخين السابقين. 20. القاضي يحيى لطف الفسيل ( معاصر). 21. القاضي عبد الرحمن بن يحيى الإرياني المتوفى سنة 1419ه . 22. القاضي محمد بن يحيى مطهر ( معاصر ) . 23. أفتى اثنا عشر عالماً من علماء اليمن عام 1982م بأن تعاطي القات حلال حلال حلال! ( ). توكيد لفظي!! بتكرار كلمة ( حلال ) ثلاث مرات. وفي الحلقات القادمة – إن شاء الله تعالى- سوف يورد الباحث بعضاً من عبارات مبيحي القات ، فإن في بعضها ما يكشف عن ضعف حجة قائلها ، وفي بعضها ما يبين قصر نظر البعض في مسألة القات ، بل في بعضها ما يدل على اضطراب القائل بإباحة القات... وللحديث صلة إن شاء الله تعالى .