الثاني والعشرون: سماحة العلامة عبد العزيز بن باز مفتي المملكة سابقاً والمتوفى عام 1420ه وُجِّهَ لسماحته سؤال نصه : ما الحكم في القات والدخان اللذين انتشرا بين بعض المسلمين ؟ وما حكم صحبة من يتناول أحدهما أو كليهما ؟ وماذا يجب على رائد الأسرة نحو ابنه أو أخيه إن تعاطى شيئاً من هذين الصنفين؟ . فأجاب – رحمه الله تعالى - بقوله: (( لا ريب في تحريم القات والدخان لمضارهما الكثيرة وتخدريهما في بعض الأحيان ، وإسكارهما في بعض الأحيان ، كما صرّح بذلك الثقات العارفون بهما... فالواجب على كل مسلم تركهما والحذر منهما ، ولا يجوز بيعهما ولا شراؤهما ، والتجارة فيهما ، وثمنهما حرام وسحت ، نسأل الله للمسلمين العافية منهما. ولا تجوز صحبة من يتناولهما أو غيرهما من أنواع المسكرات ؛ لأن ذلك من أسباب وقوعه فيهما... وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحكم من يخالل ) . والواجب على رب الأسرة أن يأخذ على يد من يتعاطى شيئاً من هذه الأمور المنكرة ويمنعه منها ولو بالضرب والتأديب ، أو إخراجه من البيت حتى يتوب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ... ) (1) ، وقال عز و جل : (... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (2 )...)) (3). وقال في فتوى أخرى: (( لا أعلم ما يدل على نجاسته لكونه شجرة معروفة ، والأصل في الشجر وأنواع النبات الطهارة ، ولكن استعماله محرم في أصح قولي العلماء ؛ لما فيه من المضار الكثيرة... إلى أن قال: ونصيحتي لأصحاب القات والتدخين وسائر المسكرات والمخدرات أن يحذروها غاية الحذر ، وأن يتقوا الله في ذلك لما في استعمالها من المعصية لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولما فيها من الأضرار العظيمة ، والعواقب الوخيمة ، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة...)) (4). وقال في فتوى أخرى: (( ولا ريب أن الدخان والمسكرات كلها من الخبائث , وهكذا الحشيشة المسكرة المعروفة من الخبائث أيضاً , فيجب ترك ذلك , وهكذا القات المعروف في اليمن من الخبائث ; لأنه يضر ضرراً كبيراً , ويترتب عليه تعطيل الأوقات , وضياع الصلوات , فالواجب على من يتعاطاه أن يدعه , ويتوب إلى الله من ذلك...)) (5). وفي إجابة له عن حكم الدخان قال: (( الدخان من المحرمات الضارة بالإنسان ، وهو من الخبائث التي حرمها الله عز و جل ، وهكذا بقية المسكرات من سائر أنواع الخمور ؛ لما فيها من مضرة عظيمة. وهكذا القات المعروف عند أهل اليمن وغيرهم محرم ؛ لما فيه من المضار الكثيرة ، وقد نص كثير من أهل العلم على تحريمه. والدخان فيه خبث كثير وضرر كثير ، فلا يجوز شربه ولا بيعه ولا شراؤه ولا التجارة فيه...)) (6). الثالث والعشرون: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقاً وهم كل من: عبد الله بن قعود (عضو) وعبد الله بن غديان (عضو) وعبد الرزاق عفيفي (نائب رئيس اللجنة) وسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز ( رئيساً ). فقد اطلعت اللجنة على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام المحال من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 1858/2 في 11/9/1398ه ومضمونه: يطلب مقدمه بيان حكم زراعة وبيع وشراء القات ؟ فأجابت بما يلي: (( القات محرم ، ولا يجوز لمسلم أن يتعاطاه أكلاً وبيعاً وشراءً وغيرها من أنواع التصرفات المشروعة في الأموال المباحة (7). الرابع والعشرون : فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في حكم أكل القات وتأخير الصلاة عن وقتها وهذه الفتوى برئاسة سماحة العلامة عبد العزيز ابن باز وعضوية كل من: الشيخ العلامة بكر أبو زيد ، والشيخ العلامة عبد العزيز بن محمد آل الشيخ ، والشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان ، والشيخ العلامة عبد الله بن غديان ، والشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي حيث أجابت على سؤال ورد لها عن حكم أكل القات وتأخير صلاة العصر إلى قبل المغرب بنصف ساعة ؟. فقالت: (( أكل القات حرام ؛ لأنه مفتر وشاغل عن ذكر الله وعن الصلاة ، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ، ولا ترك الصلاة مع الجماعة ، وهذه منكرات ناشئة عن أكل القات ، وكلها محرمات ومن أجل ذلك صار أكل القات محرماً شديد التحريم )) (8). كما أن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة: شارك بورقة بحثية في المؤتمر الدولي عن القات والذي عُقد في مدغشقر من 17 إلى 21 يناير 1983م وكانت بعنوان: (حكم القات في الشريعة الإسلامية ) قال فيها: (( ... فهذه كلمة في بيان حكم القات في الشريعة الإسلامية ، وتشتمل على تمهيد وثلاثة عناصر. أما التمهيد ففي بيان عموم الشريعة وكمالها ويسرها ، ووجوب التحاكم إليها. وأما العناصر: فالأول: في بيان بعض الأدلة الدالة على تحريم المسكرات والمخدرات والمفترات والخبائث ، وكل ضار. والثاني: في بيان آثار تعاطي القات. والثالث: في بيان تطبيق أدلة الشريعة وبعض قواعدها التي يمكن أن تطبق عليه. إلى أن قال في العنصر الثالث ، وهو التطبيق: بناءً على ما سمعناه من المضار ، وكذلك ما سمعه الحاضرون أيضاً ، وما أشرتُ إليه من الآثار السابقة فإن مضاره أكثر من منافعه وما كان كذلك وجب منع زراعته ، وبيعه ، وشرائه ، ونقله ، واستعماله. وما كان فيه من المنافع فقد أهدرها الشارع كما أهدر المنافع القليلة في الخمرة ، على ما سبق بيانه في الأدلة، والقات باعتبار آثاره السيئة الراجحة على منافعه يندرج تحت قاعدة تحريم الخمر ، وقاعدة تحريم الخبائث ، وقاعدة تحريم الضرر ، وهذا بالإضافة إلى ما جاء فيه من دليل يدخل في عمومه ، وهو نهيه صلى الله عليه وسلم ( عن كل مسكر ومفتر ). وقد ذكر بعض المحاضرين في المؤتمر ، وهو الدكتور بيتر: العصير المسكر للقات. وما ذكره د. طه بشير: من أنه مخدر. وما تقدمت الإشارة إليه من أنه مخدر ومفتر باعتبار آثاره )) (9). -------------------------------------------------- (1) سورة التغابن ، جزء من آية : 16 . (2) سورة الطلاق ، جزء من آية: 4 . (3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ، للشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله- جمع وترتيب وإشراف د. محمد بن سعد الشويعر ، 23/ 53- 54، ط4، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء - الرياض 1427ه - 2006. (4) المرجع السابق ، 23/ 55-57. (5) المرجع السابق ، 10/ 163. (6) المرجع السابق ، 10/ 395. ويلاحظ أن الشيخ - رحمه الله تعالى - ينبه على حكم القات كلما ذكر شيئاً من المسكرات أو المخدرات أو المفترات لتشابه أضرارها وآثارها. (7) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش 22/159، رقم الفتوى (2159 )، ط1، 1424ه - 2003م. (8) المرجع السابق ، 22/ 175، برقم ( 16097) . (9) ينظر : القات ، حمد المرزوقي ، وأبو خطوة ، 309، 312، 315.