وتوّجت زامبيا بفوزها على كوت ديفوار المرشحة الأولى للقب، مشوارها الرائع والمفاجئ في البطولة إذ كانت تغلبت على منتخبين آخرين رشحا للقب، هما السنغال 2-1 في الدور الأوّل، وغانا 1-صفر في ربع النهائي. أما كوت ديفوار فستبكي على جيلها الذهبي الذي لم ينجح في خطف لقب ثان للبلاد بعد أول عام 1992، خصوصاً أن أعمدة المنتخب في مقدمتهم النجم الكبير ديدييه دروغبا (33 عاماً) وحبيب كولو توريه (30 عاما) وحارس المرمى بوباكار باري (32 عاما) شارفوا الاعتزال ولم ينجحوا في فك عقدة المباراة النهائية إذ خسروا نهائي 2006 أمام مصر. وللمفارقة الحزينة أنها أنهت مشوارها في هذه البطولة بشباك نظيفة ودون خسارة أي مباراة لكن عقدة عدم التسجيل في النهائي لازمتها شأن عام 1992 (0-0) مع غانا و12-11 بركلات الترجيح و2006 (0-0) مع مصر و(4-2) بركلات الترجيح. وهذه المرة الرابعة التي يحسم فيها اللقب بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي، بعد الأولى عام 1986 في القاهرة بين مصر والكاميرون (5-4)، والثانية عام 1992 والثالثة عام 2006 أي ثلاث مرات منها بوجود كوت ديفوار طرفاً في النهائي. انطلاقة المباراة جاءت مبشّرة وصاخبة بامتياز. ركنية أرضية زامبية في الدقيقة 2 نفذت قصيرة لكريستوفر كاتونغو الذي عكسها خلفية لناثان سينكالا: تصويبة زاحفة للأخير انقض عليها الحارس الإيفواري بوبكر باري مؤكداً حضوره الذهني والبدني. ظهرت زامبيا أكثر تنظيماً وخطورة وتغطية للمساحات من منافستها وكانت طلعاتها على خطورة ومتعة ملحوظتين، لا سيما عبر نقلات لاعبيها السريعة ومحاولات الدينامو والقائد كريستوفر كاتونغو، في الوقت الذي جهد دروغبا وجيرفينيو في المقدمة البرتقاليّة ما أسفر عن إصابة المدافع الزامبي جوزف موسوندا إثر تدخل جريء على لاعب ارسنال، فخرج مرغماً دامعاً في الدقيقة 12 وحلّ مكانه كليفورد مولينغا. وقبل أن ينتصف الشوط، انبرى النشيط والخطير هجومياً رينفورد كالابا لركلة حرة مباشرة اصطدمت بالحائط البرتقالي ومرّت جانب القائم الأيسر وخرجت ركنية لم تأت بجديد. واجه لاعبو المدرب فرانسوا زاوي صعوبة بالغة في التحرّك بحرية في ظل المجهود غير العادي من منافسيهم في تغطية كل شبر في الملعب، وعليه لم نر نموذجاً عن الصورة المنتظرة من رفاق دروغبا إلا في فاصل ممتع في الدقيقة 30 لم تكتمل فصوله: جيرفنيو اخترق المنطقة مراوغاً من اليسار ومررّ ليايا توري الذي بدوره عكس الكرة يميناً للمتقدم من الخلف جان-جاك غوسو والأخير ذوّد دروغبا الذي بخلفية ماكرة أعاد الكرة لنجم مانشستر سيتي المتربص جانب نقطة الجزاء، إلا أنّ محاولة توري بركن الكرة في أقصى اليمين أخطأت طريقها بسنتيمترات. انحسر الزامبيون في الربع الأخير دون أن يتقوقعوا، فنجحوا عبر رباعي خط الظهر ومثله في الوسط بإقفال المنافذ أمام توري ودروغبا، وذوّدوا في الوقت عينه هجومهم بمرتدات خطيرة جداً كادت في أكثر من مرة أن تغيّر الأرقام. وفي الشوط الثاني دخل المنتخب البرتقالي الشوط الثاني بتكتيك نظيره الأخضر في بداية الأوّل: نشاط ملحوظ ومحاولات متعددة لمباغتة الحارس مويني بهدف مبكر تكفل بصناعتها جيرفينيو باختراقات عبر الرواق الأيمن بحث خلالها عن زميله في ال"بريميير ليغ" دروغبا وكاد أن يصيب نجاحاً في الدقيقة 49 لولا تدخل اللحظة الأخيرة من الدفاع الزامبي. مساعي الإيفواريين بتقديم وجه جديد لم تأت ثمارها، فبقي لاعبو زاوي بعيدين كل البعد عن المرتقب منهم، الأمر الذي رفع منسوب الثقة لدى لاعبي المدرّب هيرفي رينار فعادوا للانطلاق عبر الأروقة كافة وكادوا في الدقيقة 61 تحقيق التقدّم حين عكس ايمانويل مايوكا، لاعب يونغ بويز السويسري، عرضية أرضية أنقذها غوسو متزحلقا قبل أن تصل لكاتونغو. ركنية جديدة لم تختلف عن سابقاتها. أطفأت الفورة الزامبية المنظمة نجوم كوت ديفوار الأوروبيين، فغابوا عن السمع لعدة دقائق في ظل إطباق أخضر تام لم يترك مجالا أمام منافسيهم للمبادرة ما دفع رينار للتحرّك بإخراج كالو والدفع بماكس غراديل لاعب سان اتيان الفرنسي في الدقيقة 63. رغم ما تقّدم، نجح جيرفينيو، أنشط لاعبي بلاده بل أوحدهم، في كسر الصمت الإيفواري عبر اختراق مباغت للمنطقة الزامبية ووجه بدفع غير قانوني من شانسا. ركلة جزاء ايفوارية في الدقيقة 70، وقف خلفها نجم تشلسي بثقة لم يعكسها في التنفيذ: تصويبة قوية لا شكل فنيّ لها ولا طعم طاشت في العلالي كما آمال مواطنيه ومحبيه! دروغبا يكرر ما فعله أمام غينيا الاستوائية مهدراً ثاني ركلة جزاء له في البطولة الأفريقية! لم تعطّل "صدمة" دروغبا سيناريوهات زاوي الفنيّة، فأقدم في الدقيقة 75 على سحب ساعد الدفاع زوكورا والدفع بديدييه كونان لاعب هانوفر الألماني في محاولة لإبطال الخطر الزامبي في منشئه قبل تناميه وبلوغه مشارف مرمى الحارس بوبكر، ثم لعب ورقته الأخيرة في الدقيقة 85 بجرأة جديدة إذ سحب يايا توري ودفع بويلفيرد بوني لاعب فيتيس الهولندي. كادت تبديلات زاوي أن تؤتي بثمارها قبل دقيقتين من نهاية الوقت الأصلي، حين حوّل بوني كرة طويلة برأسه للبديل الآخر غراديل الذي موّه ببراعة ثم سدد من شبه انفراد كرة يسارية مرت بمحاذاة القائم الأيسر مهدراً فرصة الفوز التي لاحت في الوقت الضائع أيضاً أمام مايوكا الذي انفرد وسدد كرة ارتدت من قدم كولو توري لركنية لم تثمر، ليتأجل الحسم ثلاثين دقيقة جديدة على الأقل بصافرة الحكم السنغالي بادارا دياتا. وفي الأشواط الأضافية و رغم ما بذلوه من مجهود طيلة تسعين دقيقة، إلا أن نشاط لاعبي زامبيا لم ينقص، وكان للبديل فيليكس كاتونغو (نزل في الدقيقة 74 مكان مولينغا) اختراقاً مميزاً في الدقيقة 95 عبر الرواق الأيمن عكس إثره أرضيّة لأخيه الكابتن كريستوفر الذي سدد بإتقان قابله الحارس بوبكر بإتقان آخر مبعداً الكرة بقدمه وبمعونة القائم الأيسر في واحدة من أخطر فرص اللقاء. الرد الإيفواري جاء أقل خطورة حين مرر غوسو كرة أرضية لكونان الذي حاول ركن الكرة من حوالي ال25 متراً بتصويبة قوسية نشد فيها الزاوية اليسرى العليا لمرمى الحارس مويني إلا أن محاولته أخطأت المرمى بقليل قبل 13 دقيقة من النهاية. ومع تبقي أربع دقائق لعب بوبكر كرة طويلة حولها دروغبا برأسه وأبعدها الحارس مويني قبل تدخل جيرفينيو لتصل بالخطأ إلى غير المراقب غراديل الذي فشل في إصابة الكرة والمرمى خالٍ من أي حماية زامبية في آخر الفرص الحقيقة التي سبقت صدور قرار اللجوء لركلات الترجيح من الحكم السنغالي. وفي ركلات الترجيح سجّل الشيخ تيوتي الأولى وويلفيرد بوني الثانية وسول بامبا الثالثة وغراديل الرابعة ودروغبا الخامسة وتييني السادسة وياكونان السابعة وأهدر كولو توري الثامنة وجيرفينيو التاسعة لمنتخب كوت دايفار , بينما سجّل كريستوفر كاتونغو الأولى وايمانويل مايوكا الثانية وشانسا الثالثة وفيليكس كاتانغو الرابعة والحارس مويني الخامسة وسينكالا السادسة وشيسامبا السابعة وأهدر كالابا الثامنة وسجّل ستوفيرا سونزو التاسعة الحاسمة لمنتخب زامبيا .