وصل قطار كأس الأمم الأفريقية الثامنة والعشرين إلى محطته الأخيرة التي ستشهد مواجهة من العيار الثقيل، بين أفيال كوت ديفوار ومنتخب زامبيا الملقب بالرصاصات النحاسية في المباراة النهائية للبطولة التي سيستضيفها استاد أنغودجي غداً الأحد في العاصمة الغابونية ليبروفيل. ويمكن بصدق اعتبار المباراة النهائية هي صراع بين الحاضر والمستقبل في القارة السمراء، فمنتخب كوت ديفوار لاشك أنه أحد أبرز القوى على ساحة كرة القدم الأفريقية حالياً، وهو المرشح الأول لنيل اللقب قبل انطلاق البطولة، كما أنه يضم بين صفوفه عدداً من أبرز النجوم في الملاعب العالمية في مقدمتهم دروغبا وجيرفينيو ويايا توريه، أما منتخب زامبيا فهو يأتي في مقدمة المنتخبات الصاعدة بقوة في سماء القارة السمراء والذي لفت الأنظار إليه بشدة بأدائه السهل والممتع والذي يعتمد على الجماعية الممزوجة بالتحركات السريعة والدائمة في الملعب والتي ينفذها لاعبون مغمورون ووجوه شابة، كان أغلبهم غير معروف للكثيرين قبل انطلاق البطولة في مقدمتهم قائد الفريق وهدافه كريس كاتونغو إضافة إلى كالابا ومايوكا وشامنغا. وسيكون الصدام بين المنتخبين الإيفواري والزامبي بالتأكيد صداماً ممتعاً ومشوقاً، سيترقبه الجميع لمعرفة هل ستتمكن الأفيال الإفوارية من بسط سيطرتها على اللقب القاري والقبض عليه لثاني مرة في تاريخها، أم أن الرصاصات النحاسية ستغتال الأحلام الإيفوارية وتتوّج بالقلب للمرة الأولى. وعلى الرغم من فارق الخبرة والتاريخ والإنجازات الواضح للعيان والذي يصب بالتأكيد لصالح المنتخب الإيفواري إلا أنه وعلى أرض الواقع وقياساً بمسيرة المنتخبين في البطولة فإن حظوظهما تبدو متساوية في حصد اللقب إلى حد كبير، بل على العكس فمسيرة المنتخب الزامبي في البطولة كانت أكثر صعوبة ودلت على أن الفريق لم يكن تواجده في المباراة النهائية بمحض الصدفة، فالزامبيون واجهوا تحديات كبيرة منذ مباراتهم الأولى والتي اصطدموا خلالها بأحد المرشحين لحصد اللقب وهو المنتخب السنغالي، وعلى الرغم من ذلك بدا كاتونغو ورفاقه هم الأكثر سطوة في اللقاء الذي انتهى لصالحهم بهدفين مقابل هدف، وهي المباراة التي يمكن القول إن خلالها ولدت الطموحات الزامبية في الذهاب إلى أبعد نقطة في البطولة. ومضت مسيرة المنتخب الزامبي في الأمم الأفريقية عقب ذلك حيث تعادلوا مع ليبيا (2-2) قبل أن يسيطروا على صدارة المجموعة الأولى بفوزهم بهدف نظيف على إحدى الدولتين المنظمتين غينيا الاستوائية، وفي ربع النهائي تمكنت الرصاصات النحاسية من اغتيال الأحلام السودانية بثلاثية نظيفة قبل أن تصطدم بثاني القوى المرشحة للتتوّيج باللقب وهو منتخب غانا وصيف بطل النسخة الماضية، في لقاء اعتبره الكثيرون أحد أقوى مباريات البطولة على الإطلاق والذي انتهى لصالح زامبيا بهدف نظيف عبر به إلى المباراة النهائي للمرة الثالثة في تاريخه بعد الظهور في نهائي نسختي عامي 1974 و1994. وعلى الجانب الآخر فقد مضت الأفيال قدماً في البطولة بدون أية مشكلة أو أزمة تذكر وبسهولة تامة ويمكن القول أيضاً بأقل مجهود، وعلى الرغم من أن الانطلاقة كانت بالغة الصعوبة، عندما تخطت الأفيال عقبة المنتخب السوداني بصعوبة شديدة وبهدف نظيف، إلا أن الأمور سارت على ما يرام عقب ذلك بفوز منطقي على بوركينا فاسو بهدفين دون رد، ثم بانتصار آخر بفريق أغلبه من الاحتياطيين على أنغولا بهدفين نظيفين أيضاً. وأبرز ما يميز مشوار المنتخب الإيفواري في البطولة أنه حتى الآن لم تهتز شباكه بأي هدف، وما يلفت الأنظار أن الفريق ليس فقط هو الأقوى دفاعياً في البطولة بل أنه أيضاً يكرر بذلك إنجازه الرائع في أمم أفريقيا عام 1992 التي أقيمت في السنغال والتي فاز فيها الإيفواريون باللقب بدون أن تهتز شباكهم بأي هدف. وعلى الرغم من إنجاز المنتخب الإيفواري ومسيرته الواثقة في البطولة فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه قادر على التتويج باللقب بسهولة فعلى أرض الواقع فإن القوتين متساويتين من الناحية الهجومية إذ أن كل منتخب أحرز حتى الآن تسعة أهداف، كما أن الجميع لا يستطيع أن ينكر أن مسيرة المنتخب الزامبي كانت أكثر صعوبة ويكفي أنه استطاع أن يتخطى منتخبين كانا مرشحين بقوة لبلوغ المباراة النهائية وهما منتخبا السنغال وغانا، كما أن كاتونغو ورفاقه تمكنوا من الفوز بسهولة على المنتخب السوداني بثلاثية نظيفة في الوقت الذي فاز فيه دروغبا ورفاقه بشق الأنفس على الفريق ذاته بهدف دون رد. إذاً فإن الاحتمالات ستكون مفتوحة على مصراعيها في المباراة النهائية، ورغم أن عامل الخبرة يصب في مصلحة كوت ديفوار إلا أنه بالتأكيد لن يكون العامل الحاسم في تحديد المتوّج باللقب في نهاية المطاف.