بأناملهن الواعية ترسم التشكيليات السعوديات لوحاتهن الإبداعية في رسالة تعرض معالم فكر المرأة في المملكة التي طالتها سهام العزلة والاغتراب داخل المجتمع, وصفية بن زقر هي إحدى الفنانات التشكيليات القلائل اللاتي تعبر لوحاتهن عن الواقع السعودي, فقد اشتهرت بتوثيقها في رسوماتها للفلكلور والمظاهر الاجتماعية والثقافية والمعمارية لمدينة جدة ومنطقة الحجاز. وُلِدت بن زقر في عام 1940 بحارة الشام في مدينة جدة القديمة, وانتقلت إلى القاهرة في أواخر عام 1947 مع أهلها، وحصلت هناك على الشهادة الثانوية الفنية عام 1960 لتغادر القاهرة إلى بريطانيا كي تلتحق ب Finishing school، لمدة ثلاث سنوات دراسية، ثم التحقت ببرنامج دراسي بكلية سانت مارتن لتحصل على شهادة في فن الرسم والجرافيك، وفي عام 1963 عادت صفية بن زقر إلى جدة، شاهدةً على عمليات التعرية التي كانت تطال المدينة القديمة، ما دعاها إلى البدء في مشروعها الفني التوثيقي. وتعد بن زقر من رائدات الحركة التشكيلية النسائية، وتتمتع بقدرات كبيرة في رصد الواقع الاجتماعي والبيئي للمملكة، وجاءت لوحاتها راصدة للعديد من العادات والتقاليد خصوصاً ما يتعلق بالمرأة والأسرة والتعبير عن الكثير من ملامح الطبيعة لمختلف مناطق المملكة، كما تعد أستاذة في الإبداع الزيتي ولها أسلوبها الخاص في الطرح بانطباعية راقية معاصرة وشفافية في اللون والفكرة, وتحرص في كثير من أعمالها على الجانب الإنساني، وتؤكد على الملامح والتعابير في الوجوه كما تبحث عن أدق التفاصيل في زوايا التاريخ والتراث. نبوغ مبكر وقد تأثرت في بدايتها بعدة مدارس فنية منها عصر النهضة فتأثرت بأساليب كبار فنانيها أمثال (ليوناردو دافينشي، مايكل أنجلو، ورافائيل). أسلوبها انطباعي واقعي تأخذ أعمالها طابعاً تسجيلياً توثيقياً, ويتميز أسلوبها ببساطة التكوين وقوة البناء والاهتمام بالكتل والأحجام. أسّست بن زقر، دارة تحمل اسم "دارة صفية بن زقر" في مدينة جدة للحفاظ على التراث لحجازي الاجتماعي من خلال تنظيم ورش عمل للصغار والكبار، وإقامة الندوات والمحاضرات، وإيجاد مكتبة فنية أدبية داخل المتحف، مجهزة بكافة التسهيلات والمستلزمات للدارسات، وتوفير محل لبيع الهدايا وبعض الأعمال الفنية التذكارية. وفنانة بقامة صفية زقر, حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات, ولعل من أهمها جائزة كأس ودبلوم دي إكسيلانس من جرولادورا عام 1982 في إيطاليا.