شاعرنا اليوم هو ساعد عبدالله حميد المعيقلي البلوي-يرحمه الله- من سكان ينبع البحر، ولد بالوجه عام 1364ه ثم انتقل إلى ينبع البحر وهو بعد لم يتجاوز السادسة، حيث نشأ وترعرع هناك. امتهن المعيقلي البحر وركوب السفن الشراعية كمصدر رزقه الوحيد، وعمل كذلك بالتجارة حيث يذهب بسفينته والتي هو ربانها(ريس) إلى السودان ليشتري الدخن والذرة، وبعض المواد الغذائية ويقوم بتوريدها الى ميناء ينبع، وكذلك شراء الأغنام من السودان والنزول بها عبر البحر إلى ينبع بالإضافة إلى جمع الصدف والمحار وبيعه بالسودان والشراء بثمنها مواد غذائية. كان كما تكشف رواية الشاعر والباحث سعد الهلولي صاحب الفضل في جمع هذه الوثائق يهوى الشعر من شبابه وبدء بشعر المحاورة في المناسبات، وشعر المراسلة، إلا أنه حين لاحظ اتجاه شعر المحاورة إلى منحى الإساءة للآخرين في الحد ابتعد عنه، وقد شهد له الجميع بدماثة أخلاقه وحسن تعامله. وقد انعكس ذلك الالتزام على شعره فاختص شعره بقصائد الوعظ والحكمة، ولم يعرف له أي نص عاطفي كما أن ما وصلنا من نصوصه عن طريق الحفظ، ولم نجد له-كما ذهب الهلولي- نص مدون لذلك يتضح من خلال استعراض هذه النصوص أنها افتقدت الكثير من أبياتها، وقد توفي المعيقلي-يرحمه الله- 1414ه. يقول الشاعر مساعد البلوي من قصيدة حواريه أشبه ب"المنولوج" بينه وبين نفسه يستعرض فيها ضعف الإنسان وصراعه المرير مع النفس التي لا تقنع، يقول: النفس يا تابع هواها تعنيك تدعيك قلبك ما يجي مريحاني أن جبت هذي قالت اتجيب هذيك تتعبك في كثر الطلب والأماني يا نفس لا يتعبك ظنك وطاريك في وقتنا المشبوه والمشبهاني ولو طالت المدة ترى الموت قافيك ولابد يوم(ن) فيه قر الوزاني وهكذا تمضي القصيدة: يا ساعد أنا متعبتني هقاويك والوقت لأهل الوقت ماله ضماني الدقن تحسن والشوارب مشاويك وليا الحنك مافيه غير اللساني يا نفس انا ماني مطاوع هقاويك كثر الهقاوي تتعب المودماني يا ساعد انت ما تبي الي يخاويك تبقى تطاوعني وأنا أقول ماني انكان ماطاوعتني ودي أشكيك اطيعني ولا تراني..تراني يانفس تشكيني عسى الله يهديك مقبل عليك الي يهدم المباني ويقول من قصيدة تؤكد المنهجية التي تسير عليها نصوصه، حيث وقف طيلة عمره على البحر وأهواله لينطلق من ذلك لوصف هذه الدنيا الفانية التي لا تستحق أن يضيع الإنسان وقته فيها إلا بمرضاة خالقه، يقول : من حبنا الدنيا بنينا مرابيع وأن كان زاد الحب نبني عماره انعدهن بالخمس ولا الأسابيع والعبد سار ولا دري عن مسارة ولابد من يوم(ن) تشيب المراضيع اما رسب ولا نجح في اختبارة لا ينفعه شافع ولا شي تشافيع لاحط في قبرا كثيرا دمارة قال ارجعوبي مير ماشي تراجيع في ماقعا ماعاد فيه اختيارة أن كان نادا مايجيه المفازيع ما تنفعه كثر الحيل والشطارة وكان الشاعر قد وقف على أبيات لفتاة تشتكي حالها التي وصلت إليها بسبب والدها الذي رفض تزويجها طمعا في المال تقول: عمري تجاوز فوق خمس وثلاثين وأبوي كل ما جاه حي(ن) يرده ماهمه الا غير جمع الملايين ولاهمه الا الراتب اللي يعده فما كان من الشاعر ساعد البلوي –يرحمه الله- إلى أن تفاعل مع تلك الفتاة تفاعل المتألم على حالها، يقول: البارحه في القلب تسعه وتسعين من الفتاه اللي شكت كل شده ربي خلق فالناس عقل ومجانين وهذي طريقه فالعرب مستمده حي(ن) رشيد وحي ماهم رشيدين وحي(ن) ملقي مع طريق(ن) مصده وحي(ن) ليا جات اللوازم حريصين اللي لياما بان فتق(ن) يسده إلى أن يقول: واللي يبيع العار لأجل الملايين عساه لنه راح ما الله يرده لابد من يوم(ن) تقر الموازين في ماقف(ن) مافيه للعين لده ولا شك أن ما تركه شاعرنا أكبر من اختزاله في هذه المساحة، إلا أننا نختم مع هذه القصيدة التي يقول فيها: هجرس ضميري وافتكر زين الأبيات وأبني من الأمثال لي ما بدالي الصبر صبر وتالي الصبر لذات ومن لا صبر ما حاز زين المنالي ومن لايصف احساب قدام لا فات ماتنفع الحسبات تحت الرمالي جاني ثنين وقدمولي سؤالات من شوفهم ترجف صعيب الجبالي يوم(ن) شديد يذكرك كل مافات ويشيب منه المرضعين الجهالي في يوم عن خمسين عد السنوات الطف بنا ياللي على الناس والي وصلوا على للمختار راع الشفاعات اعداد ما هل الشهر بالهلالي فرحم الله شاعرنا، ونتمنى أن تكون هذه الحلقة بمثابة البادرة لجمع تراثه الشعري، وإلى لقاء قريب مع شاعر بالكاد عثرنا على بعض تراثه الشعري. [email protected]