تصوير - إبراهيم بركات .. اتخذت الجلسة الثالثة والأخيرة لفعاليات اليوم الثاني لمنتدى جدة الاقتصادي 2012م "ما بعد الآفاق .. اليوم نبني اقتصاد الغد" المنعقدة أمس بفندق الهيلتون بمحافظة جدة من موضوع اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي .. تحليل اقتصاديات تكامل أكبر لدول مجلس التعاون الخليجي عنواناً بارزاً لها؛ لأن مجلس التعاون الخليجي أصبح محط تركيز عالمي كبير للمرّة الأولى منذ إنشائه قبل ثلاثة عقود في وقت تشهد فيه دول العالم تقلبات اقتصادية وعلى الأخص لمبادراته السياسية . وركزت الجلسة التي حظيت بمشاركة رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي الدكتور ناصر السعيدي ، و الدكتور عبدالعزيز الصقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، ورئيس مجلس إدارة شركة الزامل القابضة الدكتور عبدالرحمن الزامل، التأثير الاقتصادي الذي يمكن أن يعكسه التكامل الإقليمي الأكبر على مستقبل المنطقة من أجل تحقيق ازدهارها ورقيها الاقتصادي . وأكدت الجلسة على أن مجلس التعاون الخليجي التكتّل الأكثر أهمية في الشرق الأوسط استقطب أنظار العالم في العام 2011م خلال الاضطرابات التي شهدتها المنطقة المحيطة به، مشيرة إلى الدور السياسي المتنامي لمجلس التعاون الخليجي .. المؤلف من ست دول أعضاء في شبه الجزيرة العربية والمتمثّل في التدخل والتوسط للإسهام في حل هذه الاضطرابات ومعالجتها.وشددت الجلسة على ضرورة توسعة منحى المجلس التجاري والاقتصادي للوصول لتكامل إقليمي أكبر وإعطائه الاهتمام الكافي في وقتٍ تشهد فيه التكتُّلات والاتحادات الأخرى في العالم أزمات مختلفة، منوهة الجلسة أنه من شأن تكامل اقتصادي أكبر في مجلس التعاون الخليجي عبر آليات مثل توحيد العُملة والجمارك والمعابر المشتركة والاستثمار والبنية التحتية المشتركة في ما بين الدول الأعضاء أن يجني فوائد اقتصادية مباشرة على غرار توفير مزيد من فرص العمل واستحداث قيمة متنوعة وفعالة .وأكد الدكتور عبدالعزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن الإدارة السياسية لديها التوجيه القوي اتجاه تعزيز التعاون بين دول الخليج إلا أننا نواجه اللبيروقراطية التي قد تؤخر إنجاز بعض القرارات، كما أننا قد نواجه معوقات في بعض القرارات التي قد ترى فيها انتقاص من سيادة الدول الخليجية مشيرا إلى أهمية أن نتكامل اقتصاديا بالشكل الأمثل وعلى رأسها العملة الخليجية الموحدة، ولدينا نقاشات قوية فيما يخص مشاريع إنشاء خط لأنابيب الغاز المشتركة ، الخطوط السكة الحديدة ، وشبكات الربط الكهربائية، مشيرا إلى أن انضمام الأردن والمغرب إلى منظومة دول الخليج أمر يحتاج إلى تريث وتدرج للبحث في القضايا الاقتصادية . من جهته الدكتور ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي أن منطقة الخليج تحتوى على 45 مليون نسمة ولديها ناتج محلي كبير والذي يوازي 4% من الدخل العالمي ، ودعا المملكة العربية السعودية أخذ زمام المبادرة لإنشاء بنك إعادة البناء والتنمية والذي سيكون له دور كبير في قطاعات التعليم والصحة، وشدد بأن التكامل يجب أن يبدأ في البنية التحتية المالية لدول الخليج في توحيد القوانين والقضاء على البيروقراطية، ولدينا الفرص في توسيع حجم هذا التحالف ليضم دول عربية أخرى في المنطقة، ولا يخفى على أحد بأن دول الخليج باتت هي المحرك الأساسي؛ لأن لديها المال والرؤية لتحريك الوطن العربي .وأضاف لدينا تحديات أخرى في البطالة ونحن نحتاج إلى توفير 2 مليون فرصة عمل في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وقد يتضاعف هذا الرقم خلال السنوات القادمة، ولن يستطيع القطاع الخاص والقطاع الحكومي أن توفر هذا العدد من الوظائف دون وجود نظام تكاملي اقتصادي، وعلينا أن ندرك بأن الجغرافيا الاقتصادية قد تغيرت باتجاه آسيا والصين والهند والتي تتطلب أن تجهيز بنيتنا التحتية . كما أكد الدكتور عبدالرحمن الزامل ورئيس مجلس إدارة شركة الزامل القابضة أكد بأن مشكلة البطالة تنبع من مشكلة الإفراط في حجم الاستقدام المبالغ به في منطقة الخليج ، مما يؤدي إلى أن القطاع الخاص يبحث عن العمالة الأرخص بغض النظر عن كفاءتها ، مشيرا إلى أن المملكة تستقدم سنويا مليون و200 ألف سنويا ، وغالبيتهم من غير ذوي الكفاءة ، لافتا بأن الاستقدام له تكلفة باهظة على كافة دول الخليج ، وهنا تكون على رجال الأعمال دور هام في القيام بالتوظيف لأن المنافسة باتت شديدة وقوية . وأضاف الزامل من واقع تجربته الاستثمارية والتي أتاحت له الإطلاع عن كثب في الوضع التجاري في منطقة الخليج والذي يمتاز بتشجيع الاستثمار وسهولة نقل البضائع والتحرك، مؤكدا بأن المملكة العربية السعودية هي الدولة الأولى التي تحرص دائما على تنفيذ كافة قرارات قمم مجلس التعاون الخليجي بحذافيره ، علاوة عن كونها تمثل 80% من حجم التعامل بالعملة الخليجية ، لافتا إلى أن هناك العديد من المشاريع الاقتصادية لتسهيل التجارة بالبينية بين دول الخليج مثل مشاريع القطار الحديدي . وخلصت جلسة "إتحاد دول مجلس التعاون الخليجي .. تحليل اقتصاديات تكامل أكبر لدول مجلس التعاون الخليجي" إلى أن تحقيق هذه المعطيات يتطلّب أُطراً قانونية وتنظيمية أكثر قوة وفعالية . واختتمت الجلسة بمداخلات من المشاركين في المنتدى والمتخصصين في الحقلين السياسي والاقتصادي والتي تصب في مستقبل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي وما يركز عليه العالم من ادخار أكبر للأصول المالية والنمو الاقتصادي سواء داخل منطقة الخليج أو خارجها. طالب المشاركون في الجلسة العلمية الثانية في ثاني أيام منتدى جدة الاقتصادي الثاني عشر 2012م، بضرورة إعادة التركيز العالمي على التعاون الإقليمي، وبناء التكتلات الاقتصادية لمواجهة التحديات والتعافي من الأزمة المالية العالمية التي ضربت أمريكا وبعض دول أوروبا، وشددوا على أن الدول التي تعمل بمفردها قد تغرد في المستقبل القريب خارج السرب. وحظيت الجلسة بمشاركة السيد مالك دحلان رئيس مؤسسة قريش للقانون والدراسات، والدكتور عبد العزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، والسفير محمد نور يعقوب المدير التنفيذي لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي، والسفير فاتو غوبالا ميلون نائب وزير الخارجية لآسيا والمحيط الهادي في وزارة الخارجية السنغافورية، إضافة إلى السيد جون بروتون سفير الاتحاد الأوربي السابق في الولاياتالمتحدةالأمريكية ورئيس الوزراء الأيرلندي السابق، وأدراها الإعلامي المخضرم ريز خان. وكشف مالك دحلان رئيس مؤسسة قريش للقانون والدراسات خلال ورقة العمل التي قدمها أن المملكة راجعت سياستها التجارية في عام 2012، وأوضح الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة أن المملكة قامت بعمل كبير من أجل تعزيز التبادل التجاري خصوصاً مع دول مجلس التعاون الخليجي، وعلينا أن نعترف أن مجلس التعاون الخليجي هي المنظمة الوحيدة الناجحة في الوطن العربي، وأن الخطوات التي أتخذها في السنوات الماضية تؤكد أنه يساهم بشكل كبير في تعزيز التعاون بين دول المنطقة. وأضاف: لقد دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) إلى تحقيق (اتحاد) خليجي، ومن شأن ذلك أن يسهم في تحقيق المزيد من التعاون والانسجام بين دول المنطقة، ولعل السؤال المهم المطروح: أي الأوليات التي نبدأ بها لتحقيق هذا الاتحاد؟ وهذا الأمر متروك للخبراء لدراسته ووضع الأطر الدقيقة لهذا المشروع الجديد.