نسمع الكثير من الشعراء وهو يتعالى بقوله (أنا أشعر الناس)، وآخر يرمق صاحبه بعين السخرية في بعض نصوصه محتجّاً بأنه يكتب ماهو أرقى فكراً ووعياً، وتجد آخر من شدّة تواضعه يُلقي بنصوصه في (سلّة مهملاته) لمجرّد أن غيره لم يقتنع بها وهكذا دواليك..الحقيقة أن نسبة كبيرة جداً من الشعراء الشعبيين تحديداً يتلقّون رسائل سلبية منهم وإليهم، بشكل فوقيّا ودونيّ يتفق مع الحالة التي يعيشها الشاعر. ولهذا باتت النظرة إلى الشاعر الشعبيّ تحديداً غالباً ما تكون نظرة اتهام له بعقدة النقص، ويكون هوالمتسبب فيها، إنني مع التحفيز الذاتي البعيد عن لغة التعالي، وضدّ التنكيل بالذات وضربها بسياط النقد الذاتي، فهي في الأخير تمارس التعبير بلا وعي، ليستقرّ في الوعي بشكل أو بآخر. إنني مع الشاعر العربيّ الذي كان يقول كلما قرأ لنفسه عراً:(ما أجملك يا أنا !)، دون المساس بذائقة الآخر. تساؤلي:ألا يمكن للشاعر أن يكوناً إيجابياً على الأقل مع نفسه ؟ الإعاقة والتفوق الإبداعي.. جاء في علم النفس أن الشخص يمكنه التعويض بموهبة أو إبداع معين من خلال شعوره بعقدة النقص، الأمر الذي دعاني هل من الضروري أن يكون الجميع مصابون بهذه العقدة حتى نجد إبداعاً يليق بنا ؟ لكنني أرى.. أن الإبداع لا يرتبط بهذه الخزعبلات، فهي تدخل في دائرة الأمور التي لا يحقّ لنا تعميمها، لسبب بسيط أن عملية الإبداع هذه قد تنطوي على السليم كما تنطبق على المعاق أو غيره وبالتالي لا يمكن تعميمها، إضافة إلى أنّ الظروف التي منحت هؤلاء العباقرة والمبدعين هذا التقدّم هي الحالة التي كان عليها العصر آنذاك سواء قديماً أم حديثاً، فقد كانت (الحاجة أمّ الاختراع)، خصوصاً وأننا نتفق أن عملية الإبداع عملية أشبه بالسلوك تتكيّف بحسب البيئة المحيطة، وبالتالي تُسفر عن نتيجة، فإن وجدت العناية اهتزّت وربت، وإن لم تجد العناية أنبتت كذلك من كل زوج بهيج، إذ أن المسألة هنا تقف على " حالة سيكولوجية " أكثر من كونها فسيولوجية، وإنّ كنت أرى ألا مناص من أن العقدة قد تنتج تعويضاً إبداعياً ن غير أني لاأسلّم بها لأنه لو كان الأمر كذلك لكان كلّ من على الكرة الأرضية (مبدعاً وشاعراً وفيلسوفاً وعالماً وما إلى ذلك). فاصلة أخيرة: كذا تشعر بوحده تسكنك وتبعثر أحلامك كذا موتك يصير أشهى وقلبك ينفث جروحه تجي اللحظة تواجهك.. وعيونك تلفظ أيامك مثل شخصٍ تداعى للحياة وخانته روحه