في الوقت الذي قبلت السلطة الفلسطينية العودة لطاولة المفاوضات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، متنازلة عن طلب وقف الاستيطان، جاءت الرسائل من الجانب الإسرائيلي بالتزامن مع هذه العودة والتي مفادها أن دولة الاحتلال لا تريد من المفاوضات إلا لعبة سياسية لتعطي انطباعا بأنها تريد السلام، وتستخدم هذه المفاوضات كغطاء لاستمرار مشاريع الاستيطان والتهويد للأرض الفلسطينية. الكاتب الإسرائيلي "مناحيم بن" عبر عن هذا الموقف من خلال ما كتب في صحيفة "معاريف" العبرية تحت عنوان "لماذا من الممنوع أن تقوم دولة فلسطينية؟"، ومن خلال مقالته حدد أسباب عدة تمنع دولة الاحتلال الإسرائيلي القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة. "مناحم بن" بدأ مقالته بالقول "اللجنة الرباعية، وهيئة الأممالمتحدة، والسلطة الفلسطينية تطالب إسرائيل بتقديم رؤيتها لموضوع الحدود على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967، مع إمكانية عملية تبادل محدودة للأراضي، علينا أن تتذكر أن مثل هذه الدولة ستشكل خطرا فعليا على وجود دولة إسرائيل، بالتالي عليها البحث عن خطة عمل بديلة".أولى الأسباب الداعية لعدم إقامة دولة فلسطينية من وجهة نظره هو أنه "الآن توجد دولتان فلسطينيتان داخل حدود أرض إسرائيل، حيث توجد "فتح لاند" في الضفة الغربية، و"غزة لاند" في قطاع غزة، وللدولتين حكوماتهما وبرلماناتهما ومؤسساتهما التعليمية والقضائية والقوانين الخاصة بهما". كما أن "قيام دولة فلسطينية سيؤدي في نهاية الأمر لسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق، والذي سيؤدي لسيطرة فلسطينية كاملة على هذه الأراضي، وفي ظل رفض الفلسطينيين لأية قوات رقابة دولية فعالة سيتم تهريب الأسلحة وتخزينها من قبل منظمات حماس والجهاد الإسلامي والقاعدة وحزب الله، وهذا يمكن أن يشكل خطرا أمنيا حتى على مدينة تل أبيب".و"إقامة دولة فلسطينية محررة وغير خاضعة لرقابة وسيطرة الجيش الإسرائيلي ستؤدي لعودة العمليات ضد إسرائيل كما كانت قبل عملية السور الواقي في العام 2002، بالتالي يجب أن يسمح للجيش الإسرائيلي بالدخول واعتقال من يخططون أو ينفذون عمليات ضد إسرائيل كما هو الواقع الآن". ويرى الكاتب أن إقامة فلسطينية يعني مطالبة الفلسطينيين بإنشاء موانئ ومطارات ومعابر من أجل تهريب الأسلحة التي ستوجه ضدنا، وتجارب إسرائيل على حد زعم الكاتب كبيرة في هذا المجال، وما تجربة اتفاقية معبر رفح إلا دليل واحد فقط على أمر كهذا.واعتبر الكاتب أن العامل الديموغرافي من العوامل التي تحتم بذل كل الجهود لمنع إقامة دولة فلسطينية، ويقول في هذا السياق "حتى لو توصلنا لاتفاق مع الفلسطينيين، وقبلوا التنازل عن حق عودة اللاجئين إلى داخل إسرائيل، وقبلوا إسكانهم في حدود الدولة الفلسطينية، فسيؤدي ذلك لخلل ديموغرافي كبير بين النهر والبحر، مما سيدفع الفلسطينيين في المستقبل للمطالبة بتوحيد البلاد تحت شعار: شخص واحد، صوت واحد، كما كان الأمر في جنوب أفريقيا".كما سيهدد قيام دولة فلسطينية مستقلة هوية الدولة اليهودية، وهذا سيكون من خلال استبدال العمال الأجانب في إسرائيل بعمال فلسطينيين، وستزداد السياحة إلى إسرائيل من كل الدول العربية مما يجعلنا نشعر بأننا نصف دولة عربية، لنصبح بعد فترة زمنية ما دولة عربية كاملة، وليس من المستبعد أن تغير المطاعم والمقاهي أسماءها الأمريكية بأسماء عربية لاستيعاب مزيد من السائحين العرب. على حد تعبير الكاتب.والحرب الأهلية في إسرائيل ستكون إحدى نتائج موافقة دولة الاحتلال الإسرائيلي على قيام دولة فلسطينية إن اتخذت حكومة إسرائيل قرارا جنونيا بضرورة إزالة المستوطنات من أراضي 1967 م.هذا ناهيك عن أن قيام دولة فلسطينية سيقوي من عزيمة الفلسطينيين في فلسطينالمحتلة عام 1948 م وسيعزز مطالبتهم بأراضيهم التي تمت السيطرة عليها في "حرب التحرير" في العام 1948م أو السعي للمطالبة بتعويضات من الدولة.