قد تكون حرب العراق انتهت عسكريا بالنسبة للولايات المتحدة لكنها ربما لم تنته بالنسبة للعراقيين او للحكومة الامريكية فيما تحاول تفادي نشوب صراع طائفي بعد رحيل القوات الامريكية. ويشعر المسؤولون الامريكيون بتوتر شديد بسبب قرار الحكومة العراقية اصدار أمر اعتقال لنائب الرئيس طارق الهاشمي المسؤول السني الارفع مستوى بالبلاد. وجاء الاعلان عن اصدار أمر الاعتقال يوم الاثنين بعد يوم من استكمال انسحاب الجيش الامريكي مما أحيا المخاوف من نشوب توترات طائفية مجددا بين الشيعة والسنة في العراق. وحدث هذا في توقيت غير مناسب للرئيس الامريكي باراك أوباما وهو يعلن خلال عدة مناسبات انتهاء المشاركة العسكرية في العراق بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي أمر به الرئيس الامريكي السابق جورج بوش. وفي أحدث هذه المناسبات شارك أوباما في مراسم يوم الثلاثاء بقاعدة أمريكية قرب واشنطن أعيد خلالها علم القوات الامريكية بالعراق رسميا الى الوطن. وقال معارضون جمهوريون لاوباما الديمقراطي في الكونجرس وضمن حملة انتخابات الرئاسة ان قرار سحب جميع القوات الامريكية بحلول نهاية العام الحالي وهو الموعد الذي حدده أصلا بوش زاد من احتمالات تزعزع استقرار العراق. وبعيدا عن السياسة فان تجدد التوترات الطائفية على أعلى مستوى من السياسة العراقية يمثل تحديا جديدا لرجال السياسة الامريكيين في دولة استراتيجية غنية للنفط. وقال جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "أحد المخاوف التي تساور الناس منذ فترة هي أنه بدون وجود أمريكي كبير فان احتمال تصفية الحسابات الطائفية في العراق سيزيد." وأضاف الترمان أنه لا يعلم حجم الادلة التي قد تدعم أمر اعتقال الهاشمي الذي اتهم بصلات مشتبه بها في اغتيالات وتفجيرات. وعرضت وزارة الداخلية العراقية اعترافات مسجلة لرجال زعمت أنهم أعضاء في طاقم حراسة الهاشمي قالوا فيها انهم تلقوا مبالغ مالية من مكتبه لتنفيذ جرائم القتل. لكن مسؤولا أمريكيا طلب عدم نشر اسمه قال ان المزاعم ضد الهاشمي لا أساس لها على الاطلاق. وأضاف الترمان "لم يتضح ما اذا كان هذا يمثل تسوية حسابات طائفية او تحقيقا جنائيا أمينا." ودعا البيت الابيض الحكومة العراقية الى التعامل مع المسألة بما يتفق مع الاعراف الدولية وهي مناشدة تعكس فيما يبدو مخاوف غير معلنة من أن تكون الدوافع وراء قضية الهاشمي سياسية او قد تدار بأسلوب يفتقر الى الحياد. واتصل نائب الرئيس الامريكي جو بايدن هاتفيا برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي لبحث المسألة قائلا ان الولاياتالمتحدة تراقب الاحداث عن كثب. وقال مكتبه في بيان مقتضب "أكد على التزام الولاياتالمتحدة بشراكة استراتيجية طويلة الامد مع العراق ودعمنا لحكومة مشاركة شاملة وأهمية التصرف بما يتفق وسيادة القانون والدستور العراقي." وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني للصحفيين في وقت سابق "يساورنا قلق واضح بهذا الشأن" مشيرا الى أن المسؤولين الامريكيين على اتصال بالزعماء العراقيين.