يعود المخرج المصري مجدي احمد علي مع " خلطة فوزية " الى الاخراج السينمائي بفيلم مختلف عن السائد مع امرأة من حي عشوائي فقير تتدبر امرها بشطارة دون ان يحبطها فشل زيجة او طلاق . وفوزية امراة كلمتها مسموعة من رجال انجبت من كل منهم ولدا وحافظت على علاقة جيدة ومستمرة بهم بعد طلاقها منهم . وتزوجت فوزية بخمسة رجال آخرهم " حودة " سائق عربية الشحن الصغيرة الذي تعرفت اليه فيما كان يعود بها من مأتم احد ازواجها السابقين .وتؤدي الفنانة الهام شاهين العائدة الى الشاشة الكبيرة بعد 4 سنوات، دور الام الشجاعة فيما تخوض بجانب اخيها ايمن شاهين تجربتها الانتاجية الاولى . ويتميز " خلطة فوزية " في تبيان انسانية المهمشين ووضعهم الذي يجعلهم اكثر تكاتفا كما انه يحرر المراة سلفا من كثير من المحرمات . ولا يعبر عنوان الفيلم فقط عن الجمعيات الصغيرة التي تقام في بيت فوزية لاعداد المربى والكعك لبيعه وانما كذلك عن خلطة سحرية لسيرة الحياة التي تضاف نكهات مختلفة اليها لتنويعها كما الاطباق . هي خلطة من مزيج من البؤس والامل والرغبات والتمسك بفسحة العيش لهؤلاء الناس البسطاء . وقامت نانسي عبد الفتاح بتصوير الفيلم الذي كتبت هناء عطية السيناريو له في اول تجربة لها . ويصور الفيلم خيوطا عديدة للحارة الشعبية من خلال فوزية وجيرانها كالراقصة السابقة التي تؤدي دورها نجوى فؤاد والتي تصر على الحياة وتبالغ في مكياجها بينما تعد لعملية دفنها في مكان مزهر مريح .وفي الفقر المدقع يجد الناس سبيلهم الى السعادة بان يقبلوا ما هم فيه وان كانوا يتمردون ويحاولون تغييره بلمسات صغيرة مع بقاء نفوسهم الغنية حية . وتبدو فوزية مثل شجرة التوت الراسخة في ذلك المكان الضيق لكن ذلك لا يمنعها من ان تثمر في لحظات الموت والحياة على نحو متوال فلحظة عرس الجارة التي انتظرت العريس طويلا توافقت مع موت ابن فوزية المقعد حين دهسته سيارة في مشهد صوره مجدي احمد علي على نحو مبتكر خلاق . لكن وبقدر ما يبدو موت الزوج السابق خلال عرسه واقعيا في هذا الفيلم بقدر ما يبدو موت الابن مفتعلا وكذلك معظم ما يليه من احداث ترهق وتيرة الفيلم وربما تجعله محصورا بالسوق المصرية . ويمتلك الفيلم حسا كوميديا ساخرا، يعززه اداء الممثلين مثل فتحي عبد الوهاب وعزت ابو عوف وهالة صدقي التي ظهرت في دور صغير وغيرهم . واذا كانت الهام شاهين ادت في الفيلم احد اجمل ادوارها في السنوات الاخيرة فان غادة عبد الرازق ادت دورا يبرز تحرر المراة المنتمية للطبقة الشعبية وتلقائيتها وقدرتها على التعبير عن نفسها في الواقع وفي الممارسة . وينتمي هذا الفيلم الى السينما المصرية الواقعية التي التفتت الى المهمشين في التسعينات مثل " ليه يا بنفسج " للراحل رضوان الكاشف . وكان الادب المصري سبق السينما وقارب هذه الطبقات الفقيرة في الستينات خاصة مع بروز تيار الواقعية السحرية وانتشاره في العالم . يشارك " خلطة فوزية " في المسابقة الرسمية لمهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولي الثاني في ابو ظبي بين 8 افلام عربية يعرض آخرها مساء السبت . وانتزع مجدي احمد علي الجوائز على فيلمه الاول " يا دنيا يا غرامي " " " 1995 الذي جال على عدد من المهرجانات ودفعه بقوة الى الساحة الاخراجية . ويعمل مجدي احمد علي على التحضير لمسلسل جديد حول بليغ حمدي يفترض ان يبدأ تصويره في الربيع المقبل .