كما كان متوقعاً، أظهر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمرة الأولى منذ بدء الأزمة النووية الإيرانية، أن طهران في صدد إنتاج سلاحٍ نووي. وتضمّن التقرير كمية كبيرة من المعلومات لتأكيد هذه الفرضية، أما الأدلة القليلة المتوفرة لديه تبيّنُ أن العملية لا تزال في طورها النظري. وهي تستند خصوصاً إلى تحليل حركة نقل اليورانيوم المخصّب وتجميعه، وإلى استخدام قاعدة برشام العسكرية القريبة من طهران لإجراء محاكاةٍ لانفجارات إنشطارية. وسواء كان التقرير مسيّساً كما تقول طهران، أو خطيراً كما اعتبر معظم العواصمالغربية، فإنه ارتكز إلى معلوماتٍ استخباراتية تعذر التحقق منها على الأرض نظراً إلى خللٍ في تعاون الإيرانيين مع مفتشي الوكالة، التي رصدت حتى الآن نحو تسع منشآت نووية إيرانية، ولديها شكوك في أنّ هناك منشآت لا تزال سرّية. ومع صدور التقرير، تلاشى الجدل حول الحرب في إسرائيل للحديث تحديداً عن ضرورة فرض عقوباتٍ من شأنها أن تشلّ إيران، وفقاً لتعبير وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. لكن حتى بالنسبة إلى العقوبات تفاوتت المواقف، فدعت فرنسا إلى عقوباتٍ قاسية تحرم إيران من الحصول على موارد تمكّنها من مواصلة برنامجها النووي.وساندت بريطانيا هذا الطلب، لكنها دعت إيران إلى مفاوضاتٍ جادة. أما الصين وروسيا فاستبعدتا الموافقة على عقوباتٍ جديدة. وجاءت الردود الأمريكية الأولية مركّزة على عقوباتٍ ثنائية لا تشمل قطاع النفط والغاز أو البنك المركزي، كما اقترحت إسرائيل وبعض أقطاب الحزب الجمهوري الأمريكي. يُذكر أن الحزمة الأخيرة من العقوبات في حزيران/ يونيو عام 2010 اعتبُرت قاسية ومؤلمة. لكن من الواضح أنها لم تفلح في ردع الطموحات الإيرانية. واضطرت إدارة أوباما في حينه استخدام كل زخمها الدبلوماسي والدخول في مساومات معقدة مع الصين وروسيا استدراجاً لتأييدهما، وهو ما لا تبدو قادرة عليه الآن. وبموازاة صعوبة تشديد العقوبات يبدو خيار الحرب أكثر صعوبة، لذا قد تفتح النافذة مجدداً لجولةٍ أخرى من المفاوضات مع إيران.