يقول الدكتور صالح زياد أستاذ النقد بجامعة الملك سعود: الجوائز الأدبية والعلمية -في العموم- منشط للإثراء وفعل اكتشاف للامتياز والنبوغ، وهي في الوقت نفسه تقدير وتكريم مزدوج المفعول، فالنادي -كمثال- يكرّم في الفائزين المعنى الذي به حصلوا على الجائزة ولكن الفائزين يُكرّمون النادي بامتيازهم الذي منحهم هذه الجائزة دون غيرهم، وساحتنا في حاجة إلى مثل هذه الجوائز التي تكرِّم وتشجع وتلقي أضواء على موضوعات وأنواع أدبية وحقول معرفية وكفاءات، وما أتمناه على نادي الباحة في هذه المناسبة وهو جدير بالاضطلاع بالمهمات المشرِّفة أن تُؤسَس الجائزة بموجب لائحة تفصيلية ذات معنى تشريعي يبرر أهدافها ووجهتها (هل هي تكريمية أم تشجيعية) وموضوعها وشروطها وزمانها والتفصيلات التنفيذية للإعلان عنها والتقدم لها وانتخاب محكميها.. إلخ، فالثقة في الجائزة والقناعة بها هو ما يمنحها قيمة معنوية تفوق أهمية المبالغ المادية المرصودة لها، وهذه الثقة تأتي من موضوعيتها وعدالتها ومن وضوحها أمام المهتمين، كما تأتي من استمرارها في الزمان ودوريّة منحها (أي تكرارها في موعد محدد) بحيث تغدو لدى المهتمين -كما هو حال الجوائز المعروفة- موعدًا منتظرًا. الدكتورة عائشة الحكمي أستاذة الأدب بجامعة تبوك تقول: بنظري أنها جائزة مميزة في الفترة الأولى، وكما لاحظنا في أول ظهور لها اقتصر الفوز على جائزتين الأولى والثالثة، وحجبت الثانية والرابعة لعدم توفر الاشتراطات اللازمة وهذا يضع أكثر من علامة استفهام لكونها في السنة الأولى ويحجب نصفها، ومن حيث الفكرة جيدة فقد خُصصت السنة الأولى للدراسات الشعرية، والسنة التالية للإبداع السردي القصة القصيرة والرواية، كما يظهر حصر توزيع الجائزة على الأدب في الباحة وما حولها وفي هذا التركيز أكثر على أدب المنطقة، لكن قد يكون الأثر المنتظر ضعيفًا مما يقلل من فرصة استمرار الجائزة، فمن الممكن أن يستمر الحجب في بعض مراتب الجائزة كما حدث في العام الأول، لكنها تخدم الأدباء وتزيد فرصهم في الإحساس بقيمة نتاجهم الفكري ماديًا وتدفعهم إلى بذل الجهد وهذا من أهم ركائز الأندية الأدبية وهو الاحتفاء بنتاج الأدباء بشتى الطرق من أجل تحفيزهم ودعمهم، وأما الاحتفالية المصاحبة فستسلط الضوء على الأعمال الفائزة وستكون مطلوبة عند المتلقي وتعمل على تحفيز أقلام أخرى للإفادة من جهودهم الفكرية واللحاق بالركب. الشاعر محسن السهيمي عضو اللجنة الثقافية بالقنفذة يرى أن للجائزة انعكاساتها على النقاد والدارسين، فهي تجعلهم يوظفون بحوثهم ودراساتهم لشعراء المنطقة مما يعني تسليط مزيد من الضوء على النتاج الشعري للمنطقة ودراسته وبيان المستوى الفني الذي وصل إليه، وتلمُّس بعض الظواهر التي اهتم بها الشعراء وظهرت في أشعارهم مما يثري المكتبة بالمزيد من الدراسات الأصيلة المتميزة التي وُلدت بدافع من هذه الجائزة، كذلك فالبحوث والدراسات المقدمة تعطي مؤشرًا يمكن التعرّف من خلاله على مدى نضوج التجربة الشعرية لشعراء المنطقة. وعلى ذات النسق ترى الشاعرة فاطمة سعد الغامدي أن الجائزة بحد ذاتها حركة رائدة تُحسب للنادي الأدبي، مشيرة إلى أن أدبي الباحة يشق طريق النجاح باقتدار ويتميّز بأن عدد متعاطي الثقافة من أبناء منطقته كبير ولم يقتصر عليهم بل تجاوزهم ليشمل شعراء وقاصي وكتّاب المملكة بل العالم العربي، وفعاليات جائزة الباحة للإبداع الأدبي خير دليل على ذلك. ويقول الدكتور عبدالله غريب عضو النادي الأدبي: جائزة الباحة للشعر تعتبر من أهم النشاطات التي تميز نادي الباحة الأدبي بعد أن تحقق له النجاح في ملتقى الرواية الذي تطور من المحلية والإقليمية والعربية إلى الدولية هذا العام، وقد اتضحت جدية محكمي الجائزة في نسختها الأولى بعد حجب فرعين منها، بما يعطي المثقف والباحث بعدًا آخر يتمثل في عدم وصول الأبحاث غير المطابقة للشروط وهذا ما تحقق في هذا العام مما يعطي الجائزة قوة واطمئنانا للباحثين الجادين.