(المضمون: في رام الله الناس غير متفائلين بما سيحصل جراء التوجه الى الاممالمتحدة لنيل الاعتراف ولا يعتقدون أن شيئا سينشأ حقا على الارض ولا يؤيدون اثارة أي مشاكل او انتفاضات جديدة في حالة فشل الخطوة). في مركز ساحة واسعة امام طريح ياسر عرفات في رام الله، يرفع علم كبير لفلسطين. في محيطه، في دائرة أوسع، رفعت أعلام دول مختلفة. ويدور الحديث عن عرض يفترض أن يجسد نفسه: كل علم يرمز الى دولة اخرى اعترفت بالدولة الفلسطينية وستصوت لها في الجمعية العمومية للامم المتحدة بعد اسبوعين بالضبط. وحسب أفراد الشرطة الفلسطينيين قرب النطاق، فانه عندما يهبط ابو مازن في نيويورك سيجرى في المكان احتفال كبير للاعتراف بالاسرة الدولية بتأييدها الواسع. غير بعيد من هناك، في الطريق الى ميدان المنارة علقت يافطات كبيرة لحملة "فلسطين تستحق عضوية كاملة في الأممالمتحدة". وقد اختار المصممون الوان الأزرق والابيض، التي تذكرنا بشعار الأممالمتحدة. "نتوجه الى الأممالمتحدة كي نحقق مقعدا بأيدينا"، كما ورد باللغة العربية. إذن توجد أعلام في الشوارع، توجد يافطات وإعلانات تجذب النظر، ولكن هنا الى هذا الحد أو ذاك تنتهي اجواء الاحتفال ويبدأ عدوها الاكبر – اللامبالاة. هذا يبدأ من صفحة الفيس بوك – ذات الفيس بوك الشهير بقدرته على تحريك الاحتجاج الجماهيري. بقي مقفرا واذا كانت الشبكة الاجتماعية أصبحت "مقياسا للثورات" في العالم العربي، فان الجهد الدبلوماسي الفلسطيني لا ينجح في اثارة الاهتمام في الشارع. وبالفعل، قبل التوجه الى الاممالمتحدة يظهر الشارع في رام الله عدم ثقة تامة بخطوة ابو مازن وآثارها. "ماذا يهم اذا اعترفوا بنا أم لم يعترفوا"، يقول مروان، موظف في بنك فلسطين. ويسند نفسه الى حائط البنك الخارجي، ويبدي عدم رغبة بارزة في الحديث في السياسة. "في اليوم التالي، يكون الاحتلال لا يزال هنا". القيادة الفلسطينية على وعي، بالطبع، بان الواقع لن يتغير بين ليلة وضحاها. ومع ذلك فانها مفعمة بالثقة لانه اذا اعترف بفلسطين كعضو في الاممالمتحدة، سواء كان كدولة أو ككيان سياسي، فان الامر سيغير بشكل جوهري المكانة القانونية لاسرائيل كدولة احتلال. وبالتوازي يدعون بان الخطوة لا ترمي الى استخدام رافعات ضغط على إسرائيل بل فقط "تعزيز خيار المفاوضات". "يقال إننا نريد عزل إسرائيل"، قال أمس رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن، "هذا ليس صحيحا. نحن نريد أن نعيش مع اسرائيل لا ان نعزلها. يقال اننا نريد اجراء نزع شرعية لها. كيف بالضبط سنفعل ذلك؟ نحن معنيون بحل الدولتين. نحن شجعنا دولا عربية وإسلامية على الاعتراف بإسرائيل، في اطار المبادرة العربية". أبو مازن قال : ذلك في أثناء لقاء مع مجموعة من المثقفين الإسرائيليين في مكتبه في المقاطعة. ووصل أعضاء المجموعة للإعراب عن تأييد الدولة الفلسطينية ودعوا أوروبا والولايات المتحدة الى التصويت الى جانبها. أبو مازن، بالطبع، عقب برضى. "سمعنا الإسرائيليين يدعون بأن هذه خطوة أحادية الجانب"، قال : "لا أعتقد إننا عندما نتوجه الى 190 دولة تكون هذه خطوة احادية الجانب. نحن نتوجه إلى الأممالمتحدة كي نشكو من أننا تحت الاحتلال. نحن الشعب الوحيد في العالم دون استقلال أو تقرير مصير". في أثناء اللقاء عاد أبو مازن ليروي لمحادثيه الإسرائيليين بأن المفاوضات هي الخيار الأول، الثاني والثالث للفلسطينيين. "نحن نعرف غننا لا يمكننا أن نحل كل المشاكل في الأممالمتحدة أو في مكان آخر"، قال أبو مازن : "يجب الجلوس والحديث في المواضيع الجوهرية وفي انهاء النزاع. لشدة الأسف، لم ننجح، رغم أننا حاولنا مرات عديدة". *المهم الراتب لشدة المفاجأة، في رام الله ايضا يمكن ايجاد من يعتقد أن ابو مازن متسرع أكثر مما ينبغي. "عليه أن يجلس مع نتنياهو"، يقول الصراف، محمود سامي، وهو يمسك برزمة أوراق نقدية سميكة. "اولا يجب اجراء مفاوضات مع اسرائيل. إذ ماذا يجدي ما يقولونه في الاممالمتحدة ؟ غسرائيل توجد على الأرض". سامي، كما يبدو، تقلقه أساسا الآثار الاقتصادية. وهو يقول: "إذا توجهنا إلى الأممالمتحدة، فإن غسرائيل والولايات المتحدة ستفرض علينا عقوبات. نحن نعيش على التبرعات. فماذا سنفعل عندها؟ نحن نريد الاستقرار. نريد الرواتب. الناس هنا راضون الآن". منذ سنتين وميدان المنارة يعج بالحياة، طرقه مليئة بالسيارات ومحلاته التجارية مليئة بالشارين ، على مسافة غير بعيدة من الميدان الشهير لرام الله، اقيم "معرض المنارة" – جملة من البسطات التي تعرض ملابس، احذية وألعاب. "في رام الله يوجد ازدهار اقتصادي"، يقول ثائر، ابن 25، المسؤول عن المعرض. "ولكن الوضع ليس هكذا في كل مكان. في نهاية الأمر، هذا ما يهم الناس. انا اريد أن اشتري شقة وأن اتزوج. هذا ما يعنيني". غذا فشلت المبادرة الفلسطينية، فان ثائر يقدر بان من المتوقع حدوث مشاكل. ولكن خلافا للتوقعات السوداء في اسرائيل، فانه لا يؤمن بان الجماهير ستخرج للتظاهر ضد الحواجز والمستوطنات. "انا اعتقد انه لن تكون مشاكل مع اليهود، بل مع السلطة الفلسطينية"، يقول : "على مدى سنة وعدونا بان تكون دولة. كل الشعب ينتظر 20 أيلول. إذا لم يحصل هذا، ستكون خيبة أمل كبيرة وستكون لها آثار". الصراف محمود هو الاخر يقدر بان الهدوء سيبقى. "لا أحد هنا سيخرج للتظاهر"، يقول، "الناس تعبون، ويحتاجون الى الراحة. الانتفاضة جلبت علينا الخراب. اسرائيل هي دولة قوية ويمكنها أن تحتمل. من سيتضرر هو نحن. يكفي ان تكون عملية واحدة، وكل شيء سيعود الى الوراء. نحن لا نريد هذا، لا نريد انتفاضة".