لم يكن يرهبني أي شيء في صغري، في قدومها إلينا كثيرا سوى....... المطر!!!..لا اعرف ما سر هذا الخوف؟! كنت أخاف المطر وصوت الرعد القادم إلينا وأتظاهر بأنني في حاجة إلى النوم..خلسةً كنت أرتبُ فراش نومي واحضر اللحاف..أطفئ النور، وأتمدد على السرير.. ارجع جسدي كاملا إلى الوراء، احبس أنفاسي، أشد عضلات بطني، ادفع صدري نحو السقف، وأسند يدي تحت رأسي وغطائي مشدود من مشجب أصابعي، أجامل نفسي بالشجاعة بمظهر قوة، وأنا ارتجف، كأن سخونة داخلية أصابتني إلى حين تنتهي المطر والزوابع الرعدية..لم يكن يعلم بذلك الخوف من المطر سوى.. أمي الحبيبة!!! يااااااااااه... خوف كان يقشعر له بدني، إحساسٌ آتٍ من أجواء غاتمة، ذاك الذي يبدأ بتراكم سحب وضوء برق وأصوات رعدية ولا أعرف متى ينتهي هذا الخوف... هطول المطر هذا كان مخيفاً بالنسبة لي في صغري وقدومه كان يوم شؤم وحزن شديد..لكن الشيء الجميل..أنني اكتشفت أنواعاً أخرى من أسرارٍ هذا الخوف تختبئ في الأمطار....حينما كنت أرغم نفسي للنوم ولا أريد أن أشاهد المطر..أفترشُ لقدمي اليافعتين أراضين متعددة.. ما دعاني إلى التفكير في المطر وخوفي منه هو ما حصل في مدينة جدة منذ قرابة أسبوع فبين ليلة وضحاها أصبح « المطر والسيول التي أنتجت كوارث وتعطيلاً « تتصدر نشرات الأخبار والانترنت وتحذيرات من حماية الأرصاد والبيئة عبر رسائل الجوال، والسبب هو عدم وجود تصريف لهذه الإمطار والمياه المنقولة. لقد بدأت فجأة وكأنها من تحرك أحداث بين كر وفر والضحايا هم أبناء مدينة جدة الذين ضاقت بهم السبل في شوارعها وممتلكاتهم وغرق وما شابه ذلك. وهذه الحادثة الأخيرة كارثة في غاية الخطورة ذهبت فيه أرواح وأموال وممتلكات وروعت الناس.. حيث يبادرني سؤال متكرر : من المسؤول وراء هذا الإهمال والتأخير في تنفيذ المشاريع..وخاصة مشروع تصريف المياه ؟!!..الذي كان الضرر الأكبر في هذه الكارثة من شقاوات المطر المتكرر..ولولا عناية الله ورحمته لكنت أنا وزملائي الموظفون في ذمة الله نتيجة ذلك الإهمال والاستهتار بأرواح الناس الآمنين.. ويا آمان الخائفين.