يبدو أن ثمة سعيا منهجيا من قبل فناني ومثقفي السعودية من أجل تأصيل التجربة التشكيلية في المملكة ومد جذورها إلى الأجيال الجديدة، وهو ما يشهد به المعرض الذي أقيم أخيرا بالجمعية الكويتية للفنون التشكيلية بعنوان {ريشة عربية 2} تحت رعاية معالي وزير النفط ووزير الإعلام الشيخ أحمد العبد الله الصباح، إذ استضافت قاعة الجمعية فناني «مرسم المبدعين» بالمملكة العربية السعودية، وهو مرسم خاص تشرف عليه جمعية الثقافة والفنون بجدة، وينهض المرسم كما يقول محمد علوان المشرف العام عليه بتعليم الرسم للأطفال والشباب، كما يركز على ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يقيم لهم الورش الفنية، والمعارض الجماعية في نهاية كل عام. وقال علوان: إن المرسم أقام العديد من المعارض في المملكة، كما ينتظر أن تكون له مشاركة في معرض تشكيلي بالقاهرة في يناير المقبل. افتتح المعرض عبد الهادي العجمي الأمين العام المساعد لقطاع الشؤون المالية والإدارية والخدمات بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وعبد الرسول سلمان رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية. تنوع وبكارة توزع المعرض على قسمين، ضم الأول أعمال الفنانين المشاركين من الشباب المبدعين، أما القسم الآخر فضم لوحات من إبداع ذوي الاحتياجات الخاصة. ويمكن من خلال اللوحات ملاحظة بكارة التجربة والاجتهاد في أعمال الفنانين، كما يلاحظ أيضا التنوع في الرؤى والأداء. فهناك اللوحات التي تعبر مباشرة عن البيئة ورموزها مثل لوحة الصقر للفنانة أمل عبد الصمد بكل تعبيرها عن التحدي، أو لوحة المسجد النبوي التي تمثل البيئة الدينية، وقام فيها الفنان بالتلوين فوق أوراق الصحف بأسلوب يستخدم الأسطر الظاهرة منها كخطوط تسهم في معمار اللوحة وبنائها، وكذلك لوحة الفنانة أمل فلمبان التي تجسد المنازل بعمارتها القديمة المتراكبة في مشهد تراثي، ولوحة عبداله حماس التي تعتمد على التجريد وتوازن المساحات الهندسي مع إبراز موتيفات إسلامية على هيئة نقوش دقيقة تشبه لغة سرية. لكن ثمة لوحات أخرى تجسد هموما معاصرة، مثل اللوحة التي قدمها الفنان نذير ياوز في شكل تجريدي وبأسلوب يبرز قوة اللون والتجاوب بين الأزرق والبني. أما طلعت عبد العزيز فيقدم عملا تجريبيا يجسد ما يشبه حلم الطيران للإنسان، حلم التجاوز مع أشكال هلالية ودائرية وسواعد ممدودة كأنها تنطلق بين الأفلاك. ثمة لوحات تنشغل بموضوع «المرأة» وبتعابير مختلفة، حيث تستخدم هبة عابد مستويين للوحة تبرز خلالهما المرأة وكأن رأسها الحالم يطل من نافذة أخرى، أما إشراق عبد الباقي فتقدم لوحة لامرأتين افريقيتين بشكل يجمع بين الأسطورة والتجريد. التنوع بصفة عامة كان سائدا في لوحات تضم أعمالا لأكثر من عشرين فنانا وفنانة تتوفر في أعمالهم الجدية التي تشي بمسقبل تجاربهم الإبداعية. في القسم الآخر بدت لوحات ذوي الاحتياجات الخاصة معبرة رغم بساطة التجربة عن إتقان يوضح مدى الجهد المبذول والرعاية الفنية، وقد اعتمدت في الغالب على تجسيد مشاهد طبيعية وتراثية بروح تعبيرية. تواصل فني وكان الأمين المساعد للمجلس الوطني للثقافة عبد الهادي العجمي قد عبر عن سعادته بما شاهده في المعرض من إبداعات الفنانين السعوديين، واعتبر أن المعرض يدعم التواصل بين دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما في مجال الفن التشكيلي الذي يعد من أهم الروافد الجمالية التي ترتقي بأذواق الجمهور. وأكد على ضرور دعم هؤلاء الفنانين وعلى مشاركة المجلس الوطني للثقافة والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية في الاحتفاء بهذه الطاقات الشابة. وأشاد العجمي بتنوع التجربة التي مثلتها إبداعات الفنانين المشاركين، كما أشاد بتجربة الرعاية الفنية لذوي الاحتياجات الخاصة من أجل دعمهم وإدماجهم في المجتمع. يذكر أن المعرض أقيم بالتعاون بين الجمعية التشكيلية وقطاع الإعلام الخاجي بوزارة الإعلام.