نشرت البلاد يوم الجمعة الماضي عن ما ألفه الاديب والاعلامي المعروف الاستاذ عبد الرحمن المعمر عن البرق والبريد والهاتف وعلاقته بالحب والاشواق والعواطف . وهو ما ألفه في 1417ه في حمص .. ولم يكتف الاستاذ بن معمر بهذا المؤلف الذي يتحدث حول نوع جديد من الكتابة فألف كتاباً آخر في نفس العام وفي حمص 1417ه . واصله محاضرة القاها في نادي الطائف الادبي مساء الاربعاء 24 - ذي القعدة- 1396ه اي قبل 35 عاما من اليوم ويقول انها نشرت في حينها في صحف الجزيرة والرياض والمدينة .. ونزولاً عند رغبة من كتبوا له ومن تحدثوا معه اعاد طبعها بعد اضافة زيادات حول موضوعها. كاتب اجتماعي يقول المؤلف انا كاتب اجتماعي ومتفنن ابداعي يتناول الامور من ايسر جوانبها ويطرق الموضوعات من اسهل طرائقها واشكر كل من كتب عن الطبعة السابقة مظهراً او معبراً عن الإعجاب بهذا اللون من الادب واعذر كل من خالفني فله رايه.ويمضي المعمر اتوجه بحديثي لمن يحب الحياة ويتفاءل بها لا لمن «يعبس» ويتجهم لها او يمشي فوق الارض بحسبان ليخرقها او يغرقها .. اكتب للذين يصنعون العكر من الماء لا الذين يعكرون النقي من الاجواء ليصطادوا فيها. اقصد اهل البيان والفصاحة لا ذوي العوج والفهالتة اخاطب اهل التسامح والاريحية لا اصحاب العقد النفسية وسوء القصد والنية. المضيفات والممرضات يقول المعمر وانا اقلب بعض الوان من الشعر وشيء من نثر لكل فقد رأيت تشابهاً كبيرا بين المستشفى والطائرة وتوالفاً غير منكورين بين المضيفة والممرضة وشبه اجماع بين نزلاء المشافي وزوارهم ومرافقيهم وركاب الطائرات ومستقبليهم او مودعيهم على تصرفات ونظرات ليست كلها بريئة وهذه طائفة من عناصر التشابه. التشابه يقول بن معمر يحجز الناس سرراً بالمستشفيات ومقاعد بالطائرات ويتصلون قبل وبعد الحجز ويتمنى الناس لمن يدخل المستشفى السلامة والخروج معافى ولمن يدخل الطائرة النجاة والوصول سالماً ويحضر القادم للمستشفى حقيبة ملابس وادوات حلاقة وامشاط شعر وفرش اسنان ومناشف وكذا راكب الطائرة يصحب معه بعض اللوازم اليومية للاستعمال في الجو - تقدم الشوكلاته والحلويات ليأكلها ركاب الطائرة « ويهدي الزوار للمريض علب الحلوى والعصير .ينام الانسان ويشخر بالطائرات وكذا بالمستشفيات ويحدث الناس اذا استيقظ بما مر عليه ورأى في المنام من مشاهد واضغاث احلام. لايحبون الطائرة والمستشفى كثيراً مانسمع اناساً لايحبون السفر بالطائرة بل يخافون من دخولها وهي واقفة ولسان حالهم يردد مع الشاعر : اركب الليث ولا اتركها ويتحملون وعثاء السفر بالبر او دوار السفينة بالبحر ومثلهم قوم اخرون لا يحبون الذهاب الى المستشفيات مهما كانت الاصابات ويتحملون الكي بالنار ومعالجة الكسور بالاخشاب والجبائر ومداواة الصدر والبطن والرأس بالنشوق والصعوط والمروخ والبخور. - يحتفل الناس بوصول المسافر وخروج المريض - بعض النساء يلدن في المستشفيات واخر جاءهن المخاض وهن يتعتلين متن الريح مسافرات . - يعطى المرء اسعافاً بالمستشفى وفي الطائرة يعطى الاكسجين - يقدم الطعام او الشراب في اطباق على عربات تدفع بالايدي وتسير على عجلات بين الدهاليز والممرات هنا وهناك - يكثر بعض نزلاء المستشفيات وركاب الطائرة من ضغط الاجراس ولمس ازرة اللمبات - الصحف والمجلات تسلية المسافر والمريض والكراسي والسلالم والنقالات منظر غير مستغرب - توحيد زي العاملات في الجو والارض ووضع اوسمة وشارات على الاكتاف والرؤوس وبين الصور والنحر . - يتعارف بعض الناس لأول مرة في المستشفيات او الطائرات. -حتى في الاسم توافق عجيب «ممرضات» «مضيفات» تنهتي بالتاء وكل له رداء مميز لا يخلو من بهاء - وفق النظر في مطالب بعض المرضى والمسافرين تجدهم يحرصون على الاشياء الصغيرة مثل الاسبرين. وذكر المعمر العديد من اوجه التشابه مابين الممرضات والمضيفات والمستشفيات والطائرات. شعراء في الجو يروي بن معمر قصة طريفة في عام 1959م اثناء سفر عدد من شعراء مصر الى دمشق لحضور مهرجان الشعر كانت المضيفة الحسناء «فاندا» تخطو بين الصفوف بهندامها البديع وقوامها الممشوق وثغرها البسام. كانت «فاندا» تقدم ماوهبها الله من سحر وفنون وكانت تعرف ان هذه العصابة التي تناوشها من كل جانب هم شعراء وادباء يستهويهم الجمال ويدركون من مفاتنه مالايدركه غيرهم من عامة الناس ودهماء البشر . حلوة كالسكر واخرج احدهم ورقة كتب فيها الشاعران محم الفنتيل ومحمد محمد علي قصيدة مشتركة: يا حلوة كالسكر وغضة كالزمر تخطري تخطري فوق الربيع الاخضر وخالطي ارواحنا مثل نسيم السحر يا مشرق النور الذي هفا إليه بصري وجنة الخلد التي اهدي اليها عمري على أحمد باكثير يقول بن معمر مرت الورقة على جماعة من الشعراء فأضاف اليها على أحمد باكثير رحماك شاعر هنا جودي له النظر جودي بنصف قبلة تنقذه من سفر سافر يبغي وطراً وانت كل الوطر علي الجندي ووصلت الورقة للشاعر علي الجندي فقال: رعاك الله يافاندا وحاط جمالك الفردا وصان محاسناً اهدت الى اكبادنا الوجدا ولا برحت عنايته لطيرك في السرى جندا واجراه على الاقبال اما جنى اوشدا رأينا الحسن في وجه تجلى كوكباً سعدا فكبرنا وسبحنا وازجينا له الحمدا وشارك عبد الرحمن صدقي بعد هبوط الطائرة مودعيها ويقول بن معمر الشاعر السعودي السيد محمد علي السنوسي كتب قصيدة بعنوان «شد الحزام» كما كتب الشاعر عبد الرحمن صدقي والسيد علي حافظ وفؤاد بركات في المستشفى طال مكوث شاعر العرب الاشهر السيد احمد الصافي النجفي في المستشفى فقال: بخديك اجبت زهور الورود وفي مقلتيك عشقت الذبولا اذا ما نظرت سبيت القلوب واما نطقت سلبت العقولا ينافس فيك العليل الطبيب ويحسد فيك الصحيح العليلا عليلك ليس يريد الشفاء لئلا يكابد عنك الرحيلا أما الشاعر النجفي فيقول: مرض الحبيب فزرته فمرضت من حذري عليه واتى الحبيب يزورني فشفيت من نظري اليه مصح المعادي يروي ابن معمر عن الشاعر محمد عبد الله بن بليهد يرحمه الله والذي كان يستشفي في مصح المعادي بالقاهرة وتعرف على «سعاد» و»فائزة» ممرضتان مصريتان وكان معه اللواء منصور العساف من الجيش فقال بن بلهيد: رايت غزالاً في الضحى كامل الوصف كوتني بنار في فؤادي وفي كتفي فأما التي بالكتف تذكى بكهرب وهاتيك تذكى بالملاحة واللطف تفاءلت من كفي «سعاد» سعادة «وفائزة» فوزا فطلعتها تشفي رسائل وشعر تقدير يقول ابن معمر انه تلقى بعد إلقاء محاضرة المضيفات والممرضات في الشعر المعاصر رسائل شكر وتقدير من كل من د.اسامة عبد الرحمن عميد التجارة في بجامعة الملك سعود - ومعالي د. محمد عبده يماني وزير الاعلام انذاك ومن الشورى أحمد بن إبراهيم الغزاوي واسماها بن معمر تحايا وتقاريظ وتعقيب وتصويب. الشاعر الصديقي وقد بعث الشاعر الشيخ محمد بن عبد الرحمن الصديقي لابن معمر يقول: يا ابن المعمر عضو المنتدى الادبي ارى المضيفات والممرضات في طرب طرقت بابا ولم يسبقكم احد من الجحاجح بين العجم والعرب رفعت من مستوى الفرسان قاطبة كذا المضيفات يا ذا الجود والحسب فحبذا لو اعدت الطبع ثانية ليستفاد من الرحلات عن كتب وخصصوا يا اخي منها محاضرة للطائرات بديل الصحف والكتب كذا المصحات تعطى من قصائدنا إنا لحاجتها نعطي بلا طلب البلاد ونحن في البلاد سعدنا على مدى الاسبوع الماضي والحاضر باختيار ماسجله الرائع الاديب والاعلامي الخلوق من وقفات قل ان تجدها في كتب ومتون الادباء قصد منها الكتابة عن امور عابرة في حياتنا ولها اهميتها لكننا لا نتوقف امامها ونسجل ما عداها رغم مافيها من ملامح جمالية وعاطفية وقصص سارة وذكريات طيبة.