مدير عام وزارة الخارجية بمنطقة مكةالمكرمة لم يمهل المرض معالي الشيخ عبدالرحمن منصوري طويلاً.. ولكن لم يستطع أن ينال من وقاره أو أن يعبث في شموخه وكبريائه .. قبل رحيله ببضعة أيام زرته مع الأخوين السفيرين ياسين حفني وصالح عبداللطيف، وقد وجدناه كما عهدناه دائماً، هادئاً.. مطمئناً.. راضياً..، باسماً ولطيفاً في حديثه. وكنّا، ثلاثتنا، نداوم على زيارته بين حين وآخر في منزله، وفاءً وعرفاناً لفضله علينا، وللإستزاده من غزير علمه، وواسع خبراته، كنّا نستمتع بحديثه وتحليلاته ورؤيته للأحداث والقضايا السياسية في المنطقة، فكان رحمه الله ذو رؤية عميقة وله طريقته المتميزة في العرض، ولم يكن يبخل علينا ببعض المعلومات الحساسة.. ولا شك أن شيخ الدبلوماسيين رحمه الله يُعد من الرجال القلائل الذين تركوا بصماتهم على صفحات الدبلوماسية السعودية، بل يمكن القول أنه كان جزءاً من شخصيتها، ومكوناً رئيساً من صفاتها. لا أعرف لماذا كان قد أعاد توجيهي للعمل في الشعبة السياسية التي كان يرأسها بعد أن كانت إدارة شؤون الموظفين عند التحاقي بوزارة الخارجية في مطلع القرن الهجري قد وجهتني للعمل في شعبة المراسم.. ولكن لا شك أن العمل في الشعبة السياسية وتحت إدارة معاليه قد أفسح ليّ مجالاً واسعاً لتعلم أصول العمل السياسي والدبلوماسي، كما أتاح ليّ العمل في هذه الشعبة فرصة التعرف عن كثب على شخص معاليه والإستنارة بفكره وعلمه وتوجيهاته. فقد شاركت معه في العديد من الاجتماعات والمؤتمرات في الوزارة وخارجها، كان آخرها مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الإنحياز في نيودلهي في منتصف التسعينات من القرن الميلادي الماضي حيث رأس وفد المملكة، وكان رحمه الله من خيرة من مثل بلاده في المحافل الخارجية. رحم الله شيخنا وأستاذنا، وعزاءنا لأهله وذويه ولجيل الدبلوماسيين الذين تتلمذوا على يديه. (إنا لله وإنا إليه راجعون).