هذه ببساطة فكرة الإعلام الجديد ، أو الإعلام الإلكتروني ، وتعني الإندماج بين وسائل الإتصال التقليدية والوسائل التكنولوجية والمعلوماتية لتأدية وظائف اتصالية متعددة من خلال وسيط واحد .فمصطلح " الإعلام الجديد " يدخل تحته عدد كبير من هذه الوسائل التي تتميز بالتفاعل " Interactivity " : هذا يعني ان المستخدم سوف يكون قادراً على التحكم في المعلومات التي يريد الحصول عليها متى ما أرادها وأينما أرادها , وبالشكل والمحتوى الذي يريده . وحيث أن الاشكال التقليدية لوسائل الإعلام كالصحف الورقية والإذاعة المرئية والمسموعة لم تعد هي الوسيلة الوحيدة للحصول على المعلومات أو وسيلة للترفيه خاصة منذ التسعينات الميلادية،لذلك سعت هذه الوسائل للاندماج مع التكنولوجيا الحديثة كالحاسبات الآلية وخدمات الشبكة العنكبوتية(الإنترنت) التي بزغت كأحدث وسيلة إتصال جماهيري وأسرعها نمواً على مر التاريخ ، وهي لازالت مستمرة في النمو ليس فقط من حيث عدد مستخدميها والذي وصل حتى شهر يوليو 2000 إلى 359,8مليون مستخدم وفقاً لتقديرات Nua Internet ، ولكن أيضاً من حيث المصادر والخدمات التي تقدمها ؛ حيث تضاعف عدد المستخدمين للشبكات الإلكترونية بشكل مذهل فقد كشف مؤتمر " عرب 2010 المنعقد في بيروت عن تضاعف نسبة المستخدمين للانترنت في العالم العربي خلال الثماني سنوات الاخيرة بنسبة 1200% ،وهذه الحقائق دفعت وسائل الإعلام المختلفة – ليس فقط الصحف – إلى الإسراع بإيجاد مواقع لهم على الإنترنت ، حيث يوجد حالياً أعداد كبيرة ومتزايدة من محطات وشبكات التلفزيون والراديو والمجلات ووكالات الأنباء بالإضافة إلى مواقع أخرى عديدة تنافس جميعها الصحف الإلكترونية على تقديم خدمات إخبارية متخصصة . ويوجد حالياً على الشبكة وحتى شهر أبريل 2001 أكثر من 4000 مجلة و 1950 محطة إذاعة و 1418 موقع تلفزيون و250 موقع خدمات إخبارية .فقد أدى هذا الاندماج لوسائل الإعلام المختلفة إلى جذب الجمهور الذي اتجه في أغلبيته إلى هذه التكنولوجيا للحصول على " أي شيء في أي وقت وأي مكان " ،وهذا الشعار يعني دخول أشكال أخرى غير شاشة الحاسب الآلي كالهاتف الجوال أو آيبود والآيفون وغيرها من الأشكال التكنولوجية المصغرة ؛حيث يحصل الجمهور على ما يهمه الإستماع إليه أو مشاهدته أو قراءته في نفس اللحظة وفي أماكن تواجده،وقد أدى هذا الأمر إلى تعاون بين مؤسسات الإعلام التقليدي ومؤسسات الإعلام الجديد كالتعاون بين شبكة cnn و youtuop وغيرها من التحالفات التي جرت من قبل الإعلام التقليدي للحاق بالإعلام الجديد ،ولعل من التغيرات التي أحدثها الإعلام الجديد هو اشتراك الجمهور في صناعة المحتوى الإعلامي المنشور، وهذا الإشتراك يأتي عن طريق الإضافة أو التبديل في المعلومات المقدمة له في هذه الوسائل حيث أصبح يستطيع الرد على المقالات المنشورة، وإثراء أفكار الكتاب والصحف ، كما أصبح بإمكانهم تأسيس صحف إلكترونية خاصة بهم بحسب مجالاتهم واتجاهاتهم حتى أن مسمى صحافة المواطن يطلق في كثير من الأحيان على الإعلام الالكتروني او الإعلام الجديد ، ويتخذ الإعلام الجديد أشكال مختلفة ومتنوعة ولعل أهمها الشبكات الإجتماعية :كالفيس بوك ،وماي سبيس..وغيرها ، وهي خدمات تؤسسها شركات كبرى لجمع المستخدمين والأصدقاء ومشاركة الأنشطة والاهتمامات وللبحث عن تكوين صداقات واهتمامات وأنشطة مشتركة ، ومواقع المدونات الشخصية والفيديو كاليوتيوب وغيرها . ولعل من أبرز أشكال الإعلام الجديد والخاضع للمستخدم والجمهور هو ما حدث خلال الإنتخابات الايرانية الأخيرة خلال العام والتي منعت فيها السلطات الإيرانية وسائل الإعلام من تغطية أحداث العنف المصاحبة لنتائج الانتخابات ولم يتمكن العالم من معرفة مايحدث داخل الدولة الإيرانية إلا من خلال المواقع الاجتماعية وكان أكثرها تفاعلاً موقع الفيس بوك ، كما تقفز إلى الذاكرة أحداث كارثة جدة الأخيرة التي تم تغطية أكثر أحداثها بواسطة مواطنين عاديين قاموا بنشر اعمالهم على موقع اليوتيوب . وأخيرا للدلالة على التسارع الذي تمثله وسائل الاتصال يمكننا أن نقول أن ظهور الراديو احتاج 38 عاماً من أجل 50 مليون مستخدم ،أما التلفزيون فأحتاج إلى 13 عاماً فقط لجمع نفس العدد ،فيما لم يستغرق الإنترنت كشبكة أكثر من 5 سنوات ،وأخيرا كان الفيس بوك والذي جمع أكثر من مئة مليون مستخدم في أقل من تسعة أشهر، واللافت للإنتباه أن أغلب هذه الخدمات تقدم مجاناً ، وتعاني من عدد من المشكلات القانونية والأخلاقية والرقابية وقد تعاني من مصداقية المعلومات خاصة تلك التي لا تنتسب لأي مؤسسة واضحة الاسم . وأخيراً لابد أن نوضح خلط البعض بين مفهوم الإعلام الجديد وأدوات الإعلام الجديد ، فعندما نقول بأنّ تويتر والفيس بووك والمدونات هي الإعلام الجديد فإنّنا نرتكب خطأً فظيعًا ، هذه المواقع ما هيَ إلاّ أدوات استفاد منها البعض في تكوين الإعلام الجديد،أمّا الغالبيّة فهم يستخدمونها بشكلٍ شخصيّ بحت سواءً كان فيما ينفع النفس أو يضرّها. نورة شرواني